. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الترمذى وأبو داود: قال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " جار الدار أحق بجار الدار والأرض " (?)، واحتج أبو حنيفة بظاهر هذا الحديث. ونقول نحن: لم يبين بماذا يكون أحق؟ هل بالشفعة أو بغيرها من وجوه الرفق والمعروف؟ ونقول أيضاً: يحتمل أن يحمل الجار على الشريك والمخالط قال الشاعر:
أيا جارتى يبقى ما بك طالعة
فسمى الزوجة لمخالطتها له. وقد خرج أبو داود والترمذى: قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الجار أحق بشفعته ينظر به وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً " (?)، وهذا من أظهر ما يستدلون به؛ لأنه بين بماذا يكون الحق، ونبه على الاشتراك فى الطريق، ولكن هذا الحديث لم يثبت عند أصحابنا، ورأيت من بعض المحدثين الطعن فيه، وقال فى رواية: إنه لو روى حديثاً آخر مثله تركت حديثه. والصقب بالصاد والسين: القرب، قال الشاعر:
لا أمم دارها ولا صقب
قال القاضى: حمل بعض شيوخنا قوله: " الجار أحق بصقبه " أنه على الندب للبائع، وحضه على إيثار جاره لا على وجه القضاء والحق الواجب، وهذا كما تقدم فى الحديث، فلا يحل له أن يسعى حتى يؤذن شريكهُ، وحمله آخرون على معنى: أحق بالبر والإتحاف والصلة لجواره.
قال الإمام: وقد خرج الترمذى - أيضاً - قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشريك شفيع، والشفعة فى كل شىء " (?)، وهذا - أيضاً - ظاهر مع القول بالعموم؛ يثبت الشفعة فيما سوى العقار من العروض، وقد شذ بعض الناس ما أثبتها فى العروض. وحكى بعض أصحاب الشافعى عن مالك نحواً من هذا، قال شيخنا - رحمه الله -: وما أدرى أين وقف لمالك على هذا، ولعله رأى قولنا فى الحائط إذا بيع وفيه حيوان أن الشفعة فيه وفى حيوانه، فظن من ذلك أن الشفعة تثبت فى العروض، وليس كما ظن لأن الحيوان هاهنا لما كان من مصلحة الحائط أعطى حكمه فى الشفعة لها لما بيع مضافاً إليه.
والملك ينتقل فى الرباع على ثلاثة أقسام: بمعاوضة وفيها الشفعة باتفاق، وبغير معاوضة وهى على قسمين؛ اختيارية وغير اختيارية، فالاختيارية: الهبة والصدقة، وغير الاختيارية: الميراث، وقد حكى بعض أصحابنا باتفاق على أن لا شفعة فى الميراث،