(...) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِىٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلهُ. وَقَالَ: غَيْرَ مُصفَحٍ، وَلَمْ يَقُلْ عَنْهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جواز استجلاب الإنسان الثناء على نفسه ومدحه، فهذا مذموم قصده منهىّ عنه، فأما حبه بالقلب، فما لا يجد المرء منه بداً، والله تعالى مستحق للمدح ومستوجب له، والعباد فالنقص لهم لازم، وإن استحقوا المدح من جهة ما، مع أن المدح يفسد قلوبهم، ويعظمهم فى نفوسهم حتى يستحقروا غيرهم؛ ولهذا قال - عليه السلام -: " احثوا التراب فى وجوه المداحين " (?)، وقال: " لو سمعها ما أفلح "، وقال تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (?).
وقوله: " لو كنت راجماً بغير بينة لرجمت هذه "، وذكر امرأة كانت تظهر السوء فى الإسلام، وفى الرواية الأخرى: " أعلنت ": فيه حجة ألاَّ تقام الحدود بكثرة السماع، وغلبة الظنون، إذا لم يكن على أصل شرعى، من بينة أو إقرار أو ما يقوم مقام ذلك.
وقوله: يا رسول الله، مالى، قال: " لا مال لك " (?). الحديث: صداق الملاعنة واجب بالإجماع. قال ابن المنذر: وفيه دليل على أنه لا رجوع عليه بالمهر وإن أقرت بالزنا، لقوله: " وإن كنت صادقاً عليها، فبم استحللت من فرجها " (?). قالوا: وحديث هذا الباب يوجب الصداق بالدخول.
واختلف فى الملاعنة إذا لم يدخل بها، فعند جماعة فقهاء الأمصار: أنها كغيرها لها نصف صداقها، وقاله مالك، قال الزهرى: لا صداق لها جملة؛ لأنه فسخ، وحكاه البغداديون عن المذهب، وهو على أصل المذهب أنه فسخ، وليس إيجاب نصف الصداق بالذى يقتضى أنه ليس بفسخ على ما أشار إليه بعضهم، بل لتعارض أيمانهما التى قامت مقام تعارض الشهادات فى وجوب الصداق أو إسقاطه، فقسم بينهما لاستواء دعواهما فيه على أصلنا، أو مراعاة لاختلاف العلماء، هل هو فسخ أو طلاق؟ وقال الحكم وحماد وأبو الزناد: لها الصداق كله؛ إذ ليس بطلاق.
وقوله: " سألت أنساً وأنا أرى عنده علماء، فقال: إن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء وكان أخا البراء بن مالك من أمه ". وفى رواية السمرقندى: " وكان أخاه لأمه " (?) قد شكل هذا ويظن أنه راجع إلى أنس بن مالك؛ إذ البراء بن مالك أخوه،