6 - (...) وَحَدَّثَنِى أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَرَّقَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَىْ بَنِى العَجْلانِ. وَقَالَ. " اللهُ يَعْلمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ ".
(...) وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِى عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ اللعَانِ؟ فَذَكَرَ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: فى هذا الحديث: " ثم فرق بينهما ": حجة الجماعة على ما تقدم.
وقوله: " الله يعلم أن أحدكما كاذب ": ظاهره أنه بعد الملاعنة، وحينئذ تحقق الكذب عليهما جميعاً، ووجبت التوبة. وذهب الداودى أنه إنما قاله النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل اللعان لا بعده، تحذيراً لهما ووعظاً، والأول أظهر وأولى بمساق الكلام.
وفيه رد على من ذهب من النحاة، أن أحدًا لا تستعمل إلا فى النفى، وقول بعضهم: لا تستعمل إلا فى الوصف، وأنها لا توضع موضع واجب، ولا توقع موقع واحد، وقد أجاز هذا المبرد، وجاء فى هذا الحديث فى غير وصف ولا نفى وبمعنى واحد، وقد قال الله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِم} (?).
قال الخطابى: وفيه أن البينتين إذا تعارضتا تهاترتا وسقطتا. وقال المهلب: فى حديث المتلاعنين من الفقه: أن المختلفين المتضادين اللذين يعلم أن أحدهما كاذب أنهما لا يعاقبان، لعذر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتلاعنين ولم يقم عليهما حداً، وكل واحد مكذب لصاحبه، قال نحوه أبو عبد الله.
جاء فى هذه الأحاديث هلال بن أمية [وهو خطأ، والصحيح أنه " عويمر ". وقال الطبرى يستنكر قوله فى حديث هلال] (?): وانما هو " عويمر " وهو الذى قذفها بشريك ابن سحماء، وكانت هذه القصة فى شعبان سنة تسع من الهجرة، وقال غيره: هما قصتان، ويحتمل أنهما كانتا متفاوتتى الوقت، فنزل القرآن فيهما، وسميت ملاعنة وفيها لعان وغضب؛ لأنها بمعنى من سخط الله وإبعاده من رحمته، وغلب لفظ اللعان؛ لأنه الذى بدأ به فى الآية، والحكم أو لتغليب الرجل.
وقول ابن جبير: " سئلت عن المتلاعنين، فما دريت ما أقول "، من إنصاف العلم، وحقيقة الورع، حسب ما كان عليه ابن جبير.
وقوله: " ومضيت إلى ابن عمر باحثاً عن المسألة ": فيه ما كانوا عليه من الحرص على العلم والأخذ فيه بالحقيقة.