" قال ": ثم ظهر لى أنا بعدُ أن أنزلت على بابها المستعمل، الذى هو ضد رفعت ... إلخ (?).
وهذا النص يكشف لنا عن تواضع قد جبل عليه الشيخ، تواضعٍ غير متكلف له بشىء، إذ لو كان تكلفاً لما كان هناك حاجة لذكر مراجعته للقاضى الوقشى، ثم معارضة ما سمع منه بعد عرضه على أبى الحسين بن سراج، وقد استقام له الدرب بما وفق له بعد، وظهر له من دلالة العبارة وألفاظها.
وتتبدى كذلك شدة ضبطه للكتاب فى قوله آخر كتاب الإلماع: " وكتبه لنفسه بخط يده موسى بن عمران بن موسى بن عياض اليحصبى عنا ".
وبذلك حدَّد صورة الإجازة مع تحديد كيفيتها (?).
وقد ألان الله له قياد اللغة، وأمكنه من نواصيها مكنة أذنت له أن ينتقد - بغير تثريب - على كثير من أئمتها، ومن يرد على ذلك دليلاً فعليه بكتابه " مشارق الأنوار على صحاح الآثار " (?).
وإن كُلفنا مزيد التحديد فإليك ما جاء فى الجزء الثانى منه، عند تناوله مادة " العين مع النون " " عن " حين يقول: " اعلم أن حرف " عن " حرف جر مثل " من "، قالوا: وهى بمعنى " من " إلا فى خصائص تخصها؛ إذ فيها من البيان والتبعيض نحو ما فى " من "، قالوا: إلا أن " من " تقتضى الانفصال فى التبعيض أما " عن " لا تقتضيه، تقول: أخذت من زيد مالاً، فتقتضى انفصاله، وأخذت عنه علماً فلا تقتضى انفصالاً، ولهذا اختصت الأسانيد بالعنعنة ".
قال: " وهذا غير سديد، وإن قاله مقتدى به لأنه يصح أن يقال: أخذ من علم زيد، وأخذت منه علماً، فلا تقتضى انفصالاً، وأخذت عن زيد ثوباً، فتقتضى انفصالاً، وقد حكى أهل اللسان: " حدثنى فلان من فلان، بمعنى عنه، وإنما الفرق بين الانفصال والاتصال فيهما فيما يصح منه ذلك أو لا يصح، لا من مقتضى اللفظتين " (?).