عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: إِنِّى لأَمْشِى مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى، إِذْ لَقَيهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. فَقَالَ: هَلُمَّ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ: فَاسْتَخْلَاهُ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللهِ أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَالَ: قَالَ لِى: تَعَالَ يَا عَلْقَمَةُ. قَالَ: فَجِئْتُ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: أَلَا نُزَوِّجُكَ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَارِيَةً بِكْرًا، لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَئِنْ قلْتَ ذَاكَ، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ.

3 - (...) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ لَنَا

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: " فلما رأى عبد الله أن لا حاجة له قال: تعال يا علقمة ": دليل أن لمن كان المكتوم سره، والإخلاء من أجل حشمته، الأمر فى استدناء من شاء وإحضاره له لا لغيره؛ إذ السر سره، إن شاء أبداه، وإن شاء كتمه.

قال الإمام: وقوله: " من استطاع منكم الباءة فليتزوج " [الحديث] (?): أصل الباءة فى اللغة: المنزل، ثم قيل لعقد النكاح؛ لان من تزوج امرأة بوأها منزلاً. والباه هاهنا: التزويج، وفيه أربعُ لغات: " الباءة " بالمد والهاء، و " الباء " بالمد بلا هاء، و " الباهة " بهاءين دون مد، و " الباه " بهاء واحدة دون مد وقد سمى الجماع نفسه: باه. وليس المراد بالذى وقع فى الحديث على ظاهره الجماع؛ لأنه قال: " ومن لم يستطع فعليه بالصوم "، ولو كان غير مستطيع للجماع لم يكن له حاجة للصوم.

قال القاضى: لا يبعد أن تكون الاستطاعتان مختلفتين، فيكون المراد أولاً بقوله: " من استطاع منكم الباءة ": الجماع، أى من بلغه وقدر عليه فليتزوج، ويكون قوله بعد: " ومن لم يستطع ": يعنى على الزواج المذكور ممن هو بالصفة المتقدمة " فعليه بالصوم ".

وأما قوله: " فليتزوج " فيتعلق به من يوجب النكاح بمجرد الأمر وهو عنده وعند جماعة من الفقهاء والمتكلمين على الوجوب. ولم يقل بوجوبه إلا داود ومن شايعه من أهل الظاهر مدة فى العمر. والواجب منه عندهم العقد لا الدخول لمجرد الأمر بالتزويج، وحكى بعضهُم عنهم أن الوجوب فى ذلك والأمر على الخصوص لا على العموم، وذلك لمن خشى على نفسه العنت بدليل قوله: " فإنه أغض للبصر "، فبين السبب للوجوب والعلة، وهذا إذا صح من مذهبهم فغير مخالف لمذهب الكافة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015