512 - (...) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ ".
513 - (...) وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِى عَبْدُ الحَمِيدِ ابْنُ جَعْفَرٍ؛ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ أَبِى أَنَسٍ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ سَلمَانَ الأَغَرَّ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ؛ أَنَّ رَسُوَلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّمَا يُسَافَرُ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدِ: مَسْجِدِ الكَعْبَةِ، وَمَسْجِدِى، وَمَسْجِدِ إِيليَاءَ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام: فإن قيل: إن مسجد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل، فكيف أتاه وأنتم أصّلتم، ألا يؤتى إلا ما كان أفضل؟ قلنا: قد ذكرنا عن بعض أصحابنا أن هذا إنما يعتبر فى شد الرحال وأعمال المطى، وأما ما كان على أميال يسيرة فيؤتى إليه، وإن كان المسجد الأقرب منه مثله فى الفضل، ومسجد قباء قريب من المدينة.
فإن قيل: هذا ما تساوى الفضل على ما قاله بعض أصحابكم على ما حكيت، والفضل ها هنا مختلف، ومسجده - عليه السلام - أفضل. قيل: الغرض من هذا أن النهى إنما وقع على أعمال المطى، وأما إذا لم تعمل ووجب الوفاء بالنذر، مع تساوى البقاع على ما حكيناه عن بعض أصحابنا، وجب وإن اختلف الفضل على هذه الطريقة؛ لأجل ورود الشرع بالوفاء بالنذر، فهو على عمومه. وخُص منها (?) أعمال المطى، وبقى ما سواه على أصله. وهذا اعتذار عما قاله ابن عباس وابن حبيب.
وأما إتيان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يكن عن نذر، فلا مانع يمنع منه؛ لأن المتقرب حيث اتفق له أو خف عليه فعل القُربة. وقد ألزم مالك المكى إذا نذر الرباط بعسقلان - وشبه ذلك من السواحل - أن يخرج إليها وإن كان فيه أعمال المطى لغير المساجد الثلاثة؛ لأنَّ المطى أعملت لمعنى وهو الرباط، وذلك لا يوجد فى الثلاثة، والحديث إنما ورد فى أعمالها للصلاة لوجود ذلك المعنى من الصلاة فيها وزيادة [عليه] (?).
قال القاضى: وقوله: " ومسجد الأقصى ": كذا جاء فى كتاب مسلم فى حديث عمرو الناقد، وهو من إضافة الشىء إلى نفسه وصفته، كما قالوا: مسجد الجامع، وتقدم مثله، قوله فى كتاب الصلاة: " ماء البارد " (?)، وفى الحديث الآخر: " مسجد إيلياء " وهو بيت المقدس بكسر الهمزة واللام ممدودة، وحكى فيه القصر أيضاً، ولغة ثالثة: " إليا " بسكون اللام.