511 - (1397) حَدَّثَنِى عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، يَبْلغُ بِهِ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِى هَذَا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد "، قال القاضى: وقد تقدّم لنا كلام فيه قبل، وأن مقتضى شد الرحال إنما يكون فيما بَعُد لا فيما قرب؛ ولهذا فرق شيوخنا بين نذر ما قرب من ذلك وما بعد، فيما عدا هذه الثلاثة مساجد؛ لفضلها الزائد، ولكونها مساجد الأنبياء.
قال الإمام: إنما خص - عليه السلام - هذه المساجد لفضلها على ما سواها، فمن قال: لله علىّ صلاة فى أحدها، وهو فى بلد غير بلادها، فعليه إتيانها، وإن قال: ماشياً، فلا يلزمه المشى إلا فى حرم مكة خاصة. وأما المسجدان الآخران، فالمشهور عندنا أنه لا يلزمه المشى إليهما ويأتيهما راكباً إن شاء. وقال ابن وهب: بل يأتيهما ماشياً كما سمى، وهذا قياس على أصل المذهب؛ لاتفاقهم على أن من قال: علىَّ المشى إلى مكة، فعليه أن يمشى إليها. فدل ذلك على أن المشى طاعة.
وقد نبه النبى - عليه السلام - على ذلك بقوله: " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا " فذكر كثرة الخطا إلى المساجد (?). [وقيل أيضاً] (?): إن كان على أميال يسيرة أتى ماشياً، والمشى ضعيف.
وقد ذهب القاضى إسماعيل إلى أن من قال: علىَّ المشى إلى المسجد الحرام أُصلى فيه، فإنه يأتى راكباً إن شاء، ويدخل مكة محرماً. وأحلَّ [الثلاثة مساجد] (?) محلاً واحداً فى سقوط المشى إليها، وإن نطق به إذا قصد الصلاة فيها.
وإن نذر إتيان غير هذه المساجد الثلاثة فلا يأتى إليها إذا لم تكن ببلده. قال بعض أصحاب مالك: إلا أن تكون قريبة على أميال يسيرة فيأتيها. وإن نذر أن يأتيها ماشياً، أتى ماشياً [كما قال] (?)، ورأى أن ذلك خارج عن شد الرحال المذكور فى الحديث. قال ابن حبيب: مثل أن ينذر صلاة فى مسجد بموضعه، ومسجد جمعة، والذى يصلى فيه. وألزم ابن عباس المدنىّ إذا نذر الصلاة بمسجد قباء أن يأتيه، واحتج لهذا ابن حبيب بما ذكره مسلم بعد هذا؛ لأنه - عليه السلام - كان يأتيه كل سبت.