وَفِى حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِث وَابْنِ إِسْحَاقَ ذِكْرُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزينَبَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُنَّ - أَنَّهُنَّ ضَرَبْنَ الأَخْبِيَةَ للَاِعْتِكَافِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك، وحُسنٌ لعشرتهن، وظاهره أنه لم يكن دخل بعد فى اعتكافه ولا دخلن، وإنما ضُربت الأخبية تقدمة للدخول فيها تلك الليلة - والله أعلم - بدليل قوله فى الأم: " وأنه أمر بخبائه فضرب وأراد الاعتكاف فى العشر الأواخر، ويكون قضاؤه لما كان اعتقده من فعل الخير دوماً بما عاهد عليه الله من ذلك.
فيه أن من نوى طاعة فلا يجب عليه فعلها بمجرد النية إلا بنذرها، والدخول فيها. قال بعضهم: وفيه أنه كان وكنَّ دخلن فى الاعتكاف فرأى - عليه السلام - خروجه من ذلك للمصلحة التى رآها؛ ولذلك قضاه بعد. وإخراجهن منه لذلك السبب؛ ولأنه لم يكن نذراً فليزمه تمامه، وإنما ترك ما كان نواه من اعتكاف العشر، واقتصر على ما مضى [له] (?) من اعتكاف ليلته ويومه ذلك، وذلك أقل الاعتكاف؛ إذ ليس فى الخبر [أنه] (?) قطع اعتكافه لحينه، وإنما فيه أنه ترك اعتكاف العشر، أو أنها لما دخلها من مشاركة الحرص على قربه والغيرة عليه ليست بطاعةٍ يلزم تمامها على وجه الاعتكاف، وإن كان الحرصُ وحب القرب من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أى وجهٍ كان طاعةً وقربةً.
وفيه جواز الاعتكاف فى شوال، وسائر الشهور مثله. قال الخطابى: وفيه أن الاعتكاف إذا لم يكن نذراً جاز الخروج منه متى شاء (?)، وعندنا أنه بالدخول فيه لزمه ما نوى فيه ولم يصح دخول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه. وفى قيامه - عليه السلام - فى خبائه فى اعتكافه ولزومه فيه - وهو الإمام للصلاة - أن السعى إلى موضع إمامته أو الصف الأول من موضع معتكفه وإمامته غير قادح فى الاعتكاف؛ إذ هو من باب ما هو فيه، ومنع إمامة المعتكف سحنون فى أحد قوليه لا فى فرض ولا فى نفل، والكافة على جواز ذلك، وكذلك أذانه فى غير المنار، واختلف فى أذانه فى المنار، فمنعه مالك مرة وأجازه أخرى، وهو قول الكافة.
واختلف العلماء فى اشتغاله بالطاعات وخروجه إليها؛ كزيارة المرضى والصلاة على الجنازة، فمنع ذلك مالك (?) وكافتهم، وأجازه الحسن (?) والنخعى وغيرهما، وأجاز إسحاق (?) والشافعى اشتراط ذلك فى التطوع دون النذر، واختلف قول أحمد (?) فى جواز الاشتراط، ومنع مالك ذلك وغيره، وكذلك منع مالك شغله فى المسجد لسماع العلم