. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
البلخى (?) فى مقالاته ومحمد بن زيد الواسطى عن طائفة من المعتزلة تسمى السَّكينَة مثله، قالا: وقد انقرضوا ولم يبق أحد منهم يُذكر. قالا: وهو قول قوم من الرافضة (?) والجهميَّة (?)، وذكروا حجتهم: أنَّه -تعالى- لو كان عالماً بتكذيبهم لكان فى إرسال الرسل إليهم عابثاً -تعالى الله عن قولهم.
فهذا هو أصل القدرية كما ذكر فى الحديث.
وقد حكى هذا القول أبو محمد بن أبى زيد فى ردّه على المعتزلى البغدادى، وأنهم يقولون: إن أفعال العباد لا يعلمها الله حتى تكون. وقد روى بعض أصحاب مالك من القرويين وغيرهم عنه فى تفسير مذهب القدرية مثله. وروى عنه ابن وهب أنه احتج على القدريَّة بقوله- عليه السلام-: " الله أعلم بما كانوا عاملين " (?) وقد احتج البخارى وغيره بذلك (?).
وهذا كله يُبَيّنُ أنه كان مذهبهم قديماً، وهكذا القدريَّة اليوم، والمعتزلة تأبى هذا وتنكره من مذهبهم، ولا شك أنه كان أصل مذهبهم كما ذكروا، وأخذوه من الفلاسفة الذين بنوا أكثر مذهبهم على منازعتهم فى الإلهيات ومأخذهم، ولم يقل به المعتزلة، إذا عَرفت عِظَم ما فيه. إذ كانت القدرية أولاً غير المعتزلة، وكان القدر هوى بذاته (?) والاعتزال هوى بذاته. وفى أصلين مفترقين، ثم قالت المعتزلة بعد ذلك بالقدَرِ، ورجعت إليه وأطبقت طوائفها- على اختلافها- على القول به مع الاعتزال الذى أصله المنزلة بين المنزلتين (?)، وسموا هذا بالعدل، ثم أخذوا مذهب الفلاسفة