رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللهِ، وَإِنَّهُمَا لا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا

ـــــــــــــــــــــــــــــ

خاص به - عليه السلام (?).

وقوله " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ": خصَّهما [بهذا] (?) وكل شىء له آية لمعان كثيرة، منها نفى ما كان تعتقده الجاهلية فيهما، ويقوله أهل الفضاء والنجوم من دليلهما على ما يحدث فى العالم، ألا ترى كيف قال فى الحديث: " انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم "، وفى الحديث الآخر: " وكانوا يقولون: لا يخسفان إلا لموت عظيم "، وكيف وصل كلامه هذا بقوله: " لا يخسفان (?) لموت أحد ولا لحياته "، وأيضاً [فلما كان كثير] (?) من الكفرة يعتقد فيهما من التعظيم، لأنهما أعظم الأنوار الظاهرة، حتى ارتقى الحال ببعضهم إلى عبادتهما، وقال جماعة من الضلال بتأثيرهما فى العالم، فأعلم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهما آيتان على حدوثهما وتفصيهما عن هذه المرتبة لِطُروء التغيُّر والنقص عليهما، وإزالة نورهما الذى به (?) عُظِّما فى النفوس عنهما، وأيضاً فلما جاء أن القيامة تكون وهما مكسوفان، ولهذا - والله أعلم - جاء فى الحديث الآخر: " فقام فزعًا يخشى أن تكون الساعة " فقيل: فى هدا آيتان على قيام الساعة، وأيضاً فإن الآيات غيرها من طلوعهما وإشراقهما وجرى البحار وتفجر الأنهار ونمو الثمار وغير ذلك مألوفٌ، وليس فيها تغيُّر حال، وهذه [غيرُ] (?) مألوفةٍ فى سائر الأيام والليالى، وإلى هذا أشار بقوله فى الرواية الأخرى: " يخوِّف الله بهما عباده ". وفيه أنه ليس فى قولهم: كسفت لموت إبراهيم، ما يوجب تكفيرَ قائله؛ لأنه لم يجعل الفعل فى ذلك لغير الله، وإنما قال ذلك القائل إنهما كالدليل والعلامة فكذب ذلك النبىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن كسوفهما ليس إلا لما (?) ذكره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015