وَأول من عَنى بِهَذَا الْفَنّ (مُحَمَّد بن المستنير) لكنه لم يتأت لَهُ مِنْهُ إِلَّا قدر يسير، وَمَا برِئ مَعَ الإقلال من الْإِخْلَال، وَلَا وقى مَعَ الإهمال رداءة الإستعمال.
وَقد عَنى بعد ذَلِك بِهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء وأكابر الأدباء، أحقهم بالإحصاء، وأوثقهم فِي الإستقراء، والأستقصاء، الإِمَام، الْعَلامَة، الْفَقِيه، اللّغَوِيّ، النَّحْوِيّ، (أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد ابْن السَّيِّد البطليوسي) (رَحمَه الله) فَإِنَّهُ صنف فِيهِ كتابا أنبأ عَن غزارة فَضله، وَكَاد يعجز عَن الْإِتْيَان بِمثلِهِ، إِلَّا أَن فِي إِيرَاد مَا أودعهُ إطالة لفظ تثبط عَن الْحِفْظ، وَتَفْرِيقًا بَين الأشكال يُوقع فِي بعض الْإِشْكَال.
وَكنت قبل وقوفى عَلَيْهِ قد جمعت فِي هَذَا الْفَنّ كتابا، كَافِيا بالمطلوب، وافيا، فَلَمَّا وقفت على هَذَا رَأَيْته مهملا لبَعض مَا أثْبته، ومتضمنا لنقل أغفلته، فَرَأَيْت أَن أبذل جهد المستطيع فى نظم شَمل الْجَمِيع بِكِتَاب يُحِيط بِمَا لَا يطْمع فِي الْمَزِيد عَلَيْهِ وَلَا تسمع نِسْبَة خلل إِلَيْهِ، مُسَمّى لذَلِك ب (إِكْمَال الْإِعْلَام فِي تثليث الْكَلَام) .
فسلكت من الإيجاز أسهل سَبيله وَجعلت وضوح الْمَقْصُود مغنيا عَن دَلِيله، واقتصرت على ذكر الْكَلِمَة مُصَرحًا بشرحها، مفتتحا بِفَتْحِهَا مردفا بِكَسْرِهَا ثمَّ بضَمهَا، فلتعلم الحركات وَإِن لم أسمها.
وَمحل الحركات الْوَاقِع بهَا التَّثْلِيث:
أول الْكَلِمَة وَقد يكون ثَانِيهَا أَو ثَالِثهَا - أَو أَولهَا وَثَانِيها - أَو أَولهَا وَثَالِثهَا - وَلكَون التَّثْلِيث