عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد. قال: «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإنّ بها ظعينة، ومعها كتاب فخذوه منها» . وفي كتاب الفضل: «خذا منها الكتاب، وخلّيا سبيلها، فإن لم تدفعه إليكما فاضربا عنقها» . يعني علي بن أبي طالب والزبير، ولم يكن معهما المقداد. وذكر أن جبريل أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم بخبر الكتاب وذكر الزجّاج، وكذلك أن الله أطلعه على ذلك، فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن في الظعينة فقلنا: لتخرجن الكتاب، أو لنلقين الثياب قال:
فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا حاطب ما هذا؟» فقال: يا رسول الله لا تعجل عليّ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد صدقكم» . فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال «إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله أن يكون قد أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» . فأنزل الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ [الممتحنة: الاية 1] (?) .
وذكر أبو عبيد في كتاب الأموال أن اسم الظعينة التي وجد عندها الكتاب: سارة. وأن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها عام الفتح، وذكره أيضا ابن هشام، وذكر أنها امرأة من مزينة.
قال سحنون: وإذا كاتب المسلم أهل الحرب قتل، ولم يستتب وماله لورثته. وقال غيره:
يجلد جلدا وجيعا ويطال حبسه وينفى عن موضع يقرب الكفار. وفي (المستخرجة) قال ابن القاسم: يقتل ولا يقبل لهذا توبة وهو كالزنديق. وفي كتاب الله تعالى وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ [التّوبة: الاية 47] فهذا الجاسوس، وقول سحنون أصح لحديث حاطب الذي أراد عمر أن يقتله.
روى ابن وهب أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قتل سبعين أسيرا بعد إثخان من يهود، قتل يوم بدر من الأسارى عقبة بن أبي معيط صبرا بعد أن ربط، ولم يقتل من الأسرى يوم بدر غيره، ضرب عنقه