فِي الْعَرْش وَنَحْو ذَلِك من محامل الإستواء فَهَذِهِ المحامل مَعْلُومَة فِي اللِّسَان الْعَرَبِيّ والكيف مَجْهُول أَي تعْيين بعض مِنْهَا مرَادا لله مَجْهُول لنا وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة يَعْنِي أَن تَعْيِينه بطرِيق الظنون بِدعَة فَإِنَّهُ لم يعْهَد عَن الصَّحَابَة التَّصَرُّف فِي أَسمَاء الله وَصِفَاته بالظنون
قلت وَهَذَا التَّفْسِير عِنْدِي غير مرضِي فَإِنَّهُ لَو كَانَ المُرَاد ذَلِك لقَالَ وَالْجَوَاب عَنهُ بِدعَة لِأَن الْمُجيب هُوَ الَّذِي يطْلب مِنْهُ التَّعْيِين وَأما السَّائِل فمجمل وَقَوله والإستواء مَعْلُوم يَعْنِي بإعتبار محامله فِي اللُّغَة وَلَو كَانَ كَذَلِك لقَالَ وَالْمرَاد مَجْهُول
وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ صَرِيح اللَّفْظ أَن المُرَاد بقَوْلهمْ الإستواء مَعْلُوم أَي وَصفه تَعَالَى بِأَنَّهُ على الْعَرْش اسْتَوَى مَعْلُوم بطرِيق الْقطع الثَّابِت بالتواتر فالوقوف على حَقِيقَته أَمر يعود إِلَى الْكَيْفِيَّة وَهُوَ الَّذِي قيل فِيهِ والكيف مَجْهُول والجهالة فِيهِ من جِهَة أَنه لَا سَبِيل لنا إِلَى معرفَة الْكَيْفِيَّة فَإِن الْكَيْفِيَّة تبع للماهية وَقَوْلهمْ وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة لِأَن الصَّحَابَة لم يسْأَلُوا عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالتَّابِعِينَ لم يسْأَلُوا الصَّحَابَة وَلِأَن جَوَابه يتَضَمَّن الْكَيْفِيَّة وَلِهَذَا قيل فِي الْجَواب لمن دخلت عَلَيْهِم الشُّبْهَة طَالِبين بسؤالهم التكييف والكيف مَجْهُول فَالَّذِي ثَبت نَفْيه بِالشَّرْعِ وَالْعقل واتفاق السّلف إِنَّمَا هُوَ علم الْعباد بالكيفية فَعندهَا تَنْقَطِع الأطماع وَعَن دركها تقصر الْعُقُول بل هِيَ قَاصِرَة عَمَّا هُوَ دون ذَلِك هَذِه الرّوح من الْمَعْلُوم لكل أحد خُرُوجهَا من الْجَسَد وَأَن