فِي الرسَالَة النظامية الَّذِي نرتضيه رَأيا وندين الله تَعَالَى بِهِ عقدا هُوَ اتِّبَاع سلف الْأمة فَإِنَّهُم درجوا على ترك التَّعَرُّض لمعانيها ودرك مَا فِيهَا وهم صفوة الْإِسْلَام وَكَانُوا لَا يألون جهدا فِي ضبط قَوَاعِد الْملَّة والتواصي بحفظها وَتَعْلِيم النَّاس مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْهَا فَلَو كَانَ تَأْوِيل هَذِه الظَّوَاهِر سائغا لَأَوْشَكَ أَن يكون اهتمامهم بهَا فَوق اهتمامهم بِفُرُوع الشَّرِيعَة فَإِذا انصرم عصرهم وعصر التَّابِعين على الإضراب عَن التَّأْوِيل كَانَ ذَلِك هُوَ الْوَجْه المتبع فَحق على ذِي الدّين أَن يعْتَقد تَنْزِيه الْبَارِي عَن صِفَات الْمُحدثين وَلَا يَخُوض فِي تَأْوِيل المشكلات ويكل مَعْنَاهَا إِلَى الرب
وَقَالَ الإِمَام ابْن الصّلاح وعَلى هَذِه الطَّرِيقَة مضى صدر الْأمة وساداتها وَإِيَّاهَا اخْتَار أَئِمَّة الْفُقَهَاء وقاداتها وإليها دَعَا أَئِمَّة الحَدِيث وأعلامه وَلَا أحد من الْمُتَكَلِّمين من أَصْحَابنَا يصدف عَنْهَا ويأباها انْتهى
قلت وَهَذَا القَوْل هُوَ الْحق وَأسلم الطّرق فَإنَّك تَجِد كل فريق من المتأولين يُخطئ الْأُخَر وَيرد كَلَامه وَيُقِيم الْبُرْهَان على صِحَة قَوْله ويعتقد أَنه هُوَ الْمُصِيب وَأَن غَيره هُوَ الْمُخطئ وَمن طالع كَلَام طوائف الْمُتَكَلِّمين والمتصوفين علم ذَلِك علم الْيَقِين ... النَّاس شَتَّى وآراء مفرقة ... كل يرى الْحق فِيمَا قَالَ واعتقدا ...