قَالَ فَمن ذَلِك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ بِكِتَاب عَزِيز من عِنْد الله عز وَجل قيل فِي صفته {مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء} الْأَنْعَام 38 وَبَين مَا عساه يشكل مِمَّا يحْتَاج إِلَى بَيَانه بسنته كَمَا قيل {لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} النَّحْل 44 ثمَّ قَالَ بعد الْبَيَان تَركتهم عَلَيْهَا بَيْضَاء نقية فجَاء أَقوام بعده فَلم يقنعوا بتبيينه وَلم يرْضوا بطريقة أَصْحَابه فَبَحَثُوا ثمَّ انقسموا فَمنهمْ من تعرض لما تَعب الشَّرْع فِي إثْبَاته فِي الْقُلُوب فمحاه مِنْهَا فَإِن الْقُرْآن والْحَدِيث يثبتان الْإِلَه عز وَجل بأوصاف تقرر وجوده فِي النُّفُوس كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} وَقَوله {بل يَدَاهُ مبسوطتان} الْمَائِدَة 64 وَقَوله {ولتصنع على عَيْني} طه 39 وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام ينزل الله إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا ويبسط يَده لمسيء اللَّيْل وَالنَّهَار ويضحك وكل هَذِه الْأَشْيَاء وَإِن كَانَ ظَاهرهَا يُوجب تخايل التَّشْبِيه فَالْمُرَاد مِنْهَا إِثْبَات مَوْجُود فَلَمَّا علم الشَّرْع مَا يطْرق الْقُلُوب من التوهمات عِنْد سماعهَا قطع ذَلِك بقوله {لَيْسَ كمثله شَيْء}
قَالَ ثمَّ إِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم عَادوا إِلَى الْقُرْآن الَّذِي هُوَ المعجز