قد ذكرنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مكلّفاً بمهمات البيان، والتعليم، والتزكية. وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما بعثت معلِّماً".
وقد حمل النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمانة، وأدّى المهمة على أكمل وجه وأتّمه. فاستعمل جميع الوسائل الممكنة، لإبلاغ دين الله تعالى وتمكينه في الأرض، حتى كان بحقٍّ إماماً، بل كان إمام الأئمة، هَدَى بفعله - صلى الله عليه وسلم - كما هَدَى بقوله، حتى كان فعله نموذجاً حياً للمسلم، يتعلم منه الدين، كما يتعلمه من أقواله - صلى الله عليه وسلم -.
درجة الإمامة في الدين درجة عالية، ذكر الله تعالى الذين يعملون للوصول إليها بطيّب الذّكر، وجعلهم ممن {يجزون الغرفة} إذ قالوا: {واجعلنا للمتقين إماماً} (?). وامتنّ الله بها على خليله إبراهيم بقوله: {إني جاعلك للناس إماماً}.
و (الإمام) في اللغة المتّبَع الدالّ. يقال للطريق إمام، ولرئيس القوم إمام. وقوله تعالى: {يوم ندعو كل أناس بإمامهم} (?) قيل في تفسيره: بنبيّهم وشرعهم (?). والإمام في الصلاة، كما في الحديث: "إنما جعل ليؤتمّ به، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا رفع فارفعوا" (?) يرشد بفعله، فيفعل المؤتمون به كما يفعل.