إذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلان مختلفان بأن يفعل الشيء مرة ويتركه أو يفعل ضده، كأن يصوم يوم اثنين ويفطر في يوم اثنين آخر أو يقوم عند رؤية جنازة، ثم يقعد عند رؤية جنازة أخرى، فما موقف المجتهد إزاء ذلك؟.
إن أمام المجتهد طريقين في هذه المسألة، وقد ذهب إلى كل منهما بعض الأصوليين:
الأول: أن يقال: إن ورودهما جميعاً ليس من التعارض في شيء. فينبني عليه أن كلاً من الفعلين جائز، فيتخيّر بينهما. ووجه أن الفعل يدل على الجواز، فلا تعارض.
والثاني: أن يقال إنهما يتعارضان إذا لم يمكن الجمع بينهما، فإن علم التاريخ فإن الفعل الثاني منهما يكون ناسخاً للأول. وإن لم يعلم يرجح بينهما، وإلا تساقطا. أو يتخيّر المجتهد بينهما أو يتوقف، على ما تقدم في التعارض.
ويستدل لهذا القول بما ورد في حديث ابن عباس: "إنهم -يعني صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -- كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمره - صلى الله عليه وسلم -" (?).
1 - ذهب القاضي الباقلاني إلى القول الأول. فرأى أن الفعلين لا يتعارضان، وأن التعارض فيهما محال. يقول في كتابه التقريب: "دخول التعارض