له من الأجر ما كان يعمله وهو صحيح مقيم" (?). يصح الاستدلال به على إعطاء الموظّفين والعمّال مثل أجورهم إذا كان تعطّلهم لعذر صحيح.

ومن هذا النوع أيضاً ما ذكر الشاطبي (?)، وهو عادة الله تعالى في إنزال القرآن، وخطاب الخلق به، ومعاملته بالرفق والحسنى، وأن استفادة ذلك راجع إلى الاقتداء بأفعاله تعالى، فعدّ الشاطبي من هذا عدم المؤاخذة قبل الإنذار، أخذه من قوله تعالى: {وما كنّا معذبين حتى نبعث رسولاً} وعد من ذلك أيضاً ترك المؤاخذة بالذنب لأول مرة، والحلم عن تعجيل العذاب للمعاندين.

وكتدرجه تعالى في الأمر بالتكاليف الشاقة، والنهي عما ألفه الناس حتى صار كالطبع لهم.

ونحن نرى الأخذ من هذه الأنواع، مع الحذر والاحتياط، والتنبيه إلى أن الله ليس كمثله شيء، وأن ذلك يقتضي التمايز في الأفعال، فليس كل شيء يحسن منه تعالى هو حسناً منا. والله أعلم.

الأوجه الفعلية لقوله تعالى:

يصح استفادة الأحكام من الآداب البيانية القرآنية، على ما يذكره البلاغيون وقد ذكر الشاطبي لذلك أمثلة سبعة، نقتبسها باختصار تتميماً للفائدة.

1 - أن القرآن حين أتى بالنداء من الله للعباد، أتى بحرف النداء المقتضي للبعد، نحو قوله: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} (?).

وحين أتى بالنداء من العباد لله، ترك حرف النداء، استشعاراً للقرب، فيحصل بالاقتداء بالتعبير القرآني تعلّم هذا الأدب.

2 - أن نداء العبد لله جاء في القرآن بلفظ (الرب) في عامة الأمر، تنبيهاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015