شيء لا ينضبط. وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التعذيب بالنار. وقال: "لا تعذّبوا بعذاب الله" (?). فهذا نهي مصادم لهذا النوع من الاستدلال.
ومثله فرار الحجر بثوب موسى حتى رؤي عرياناً، فلا يجوز أن يستدل به على جواز تعرية الرجل لتبرئته مما يُنْبَزُ به. والله تعالى يفعل ما يشاء.
فالذي نراه أن هذا النوع من الاستدلال باطل.
ونستثني من ذلك أموراً:
الأول: أن نحب ما أحب الله تعالى، وأن نكره ما يكره. فإنه تعالى لا يحب إلّا ما هو خير وحق، ولا يكره إلا ما هو باطل وإثم. وإنما يحصل لنا العلم بما يحبه الله ويكرهه بالشرع من الكتاب أو السنة. وفي الحديث، ينادي جبريل: "إن الله يحب فلاناً فأحبوه" (?). وفي الحديث الآخر: "نحب بحبّك من أحبك، ونعادي بعداوتك من عاداك" (?).
الثاني: بعض ما يتردد بين الحسن والقبح إذا ورد أنه تعالى يفعله، يعلم أنه حسن وإن كان يتوهم فيه النقص، ويكون فعله تعالى دليلاً على أنه لا نقص فيه، وذلك كقوله تعالى: {والله لا يستحيي من الحق} (?) يدل على جواز مباشرة العمل إذا كان حقاً ولا يمنع الحياء من ذلك.
وكاستدراجه لأعدائه، ومكره بالماكرين، وكيده للكائدين (?) ولعنه للكافرين، فكل ذلك جائز بدلالة فعله تعالى.
الثالث: ما ظهر لنا حسنه ولم يعارضه دليل شرعي، كقوله تعالى؛ {ويؤتِ كلَّ ذي فضل فضله} يصحّ الاحتجاج به على استحباب إنزال أهل الكفاءات في منازلهم، والإكثار من الخير للناس بقدر أعمالهم، ونقض طريقة المساواة بين الناس مع تفاوت فضائلهم وأفعالهم. وكقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مرض العبد أو سافر كُتب