غير أننا نستثني فنذكر مما يتعلق برواية الفعل أشياء يسيرة، لها علاقة باستفادة الأحكام من الأفعال، كتعبير الصحابي عن الفعل، وما يمكن أن يستفاد من ذلك من تعليل أو تعميم أو غيرهما.
الأدلة المعتمدة في الشريعة أغلبها أقوال، فالكتاب العظيم قول الله تعالى، والسنة النبوية منها أقوال ومنها أفعال، والإجماع منه قولي ومنه فعلي. ومذهب الصحابي عند من قال به، منه قول ومنه فعل.
ولكن دليل القياس، وهو العلة، ليس قولاً ولا فعلاً، ولكن هي معنى اعتبره الشارع في الأصل.
فالأدلة، إذن، إمّا أقوال. وإمّا أفعال. وإما غيرهما. ويقول ابن تيمية: "الأصل قول الله، وفعله، وتركه القول، وتركه الفعل، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعله، وتركه القول وتركه الفعل. وإن كانت جرت عادة الأصوليين أن يذكروا قول الله فقط، ومن جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله وفعله وإقراره" (?).
فهذا تقسيم للأدلة من وجه طبيعتها.
وتقسيما إلى كتاب وسنة وإجماع وقياس وغير ذلك، هو تقسيم لها من وجه مصادرها. وهو التقسيم السهل المعتمد عند الأصوليين.
وعلى التقسيم الأول ليس كل الأفعال داخلاً في بحثنا بصفة أساسية، لأن موضوعه (الأفعال النبوية). فلا تدخل فيه أفعال الله تعالى، ولا أفعال الصحابة رضي الله عنهم. ولا أفعال أهل الإجماع.
ولكننا سنلحق بأبحاث الأفعال النبوية بعض ما يشاكلها مما يتعلق بأفعال غير النبي - صلى الله عليه وسلم - تتميماً للبحث، لأنها تشارك أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - في طبيعتها (الفعلية) وفي الدلالة على أحكام عند من يقول بها.