(الإسناد) يؤخر عن باب الأفعال غالباً، كما فعله البيضاوي (?)، لأن الغرض منه إثبات ورود السنن بصفتها العامة، أي بشقيها القولي والفعلي. وقد يؤخر إلى ما بعد ذكر الدليل الثالث وهو الإجماع كما فعله الرازي في المحصول (?). ولعل وجهه أن باب الأخبار الغرض منه إثبات ورود الدليل سواء كان كتاباً أو سنة أو إجماعاً. فكان باب الأخبار ملحقاً بالأدلة الثلاثة.
غير أن الأفعال النبوية تذكر أيضاً في غير باب أدلّة الأحكام. فتذكر ضمن مباحث الإجمال والبيان ونحوها من مباحث الدلالة، لبيان كيفية البيان بها.
وتذكر أيضاً في باب القياس بإيجاز شديد، لبيان كيفية استخراج عللها لأجل القياس عليها.
ومن جهة أخرى قد تتعارض دلالة الأفعال بعضها مع بعض، أو مع الأقوال، أو مع غيرها من الأدلة، فيذكر ذلك ضمن مباحث التعارض والترجيح بين الأدلة.
ولكن كثيراً من الأصوليين يبادرون بذكر التعارض الذي للفعل علاقة به، ضمن مباحث الأفعال من باب السنة، لتجتمع مباحث الأفعال في مكان واحد، كما فعله أبو الحسين البصري والشوكاني وغيرهما.
لن نتعرض في بحثنا في الأفعال لما يتعلق بروايتها وإثباتها، فذلك أمر تشترك فيه الأقوال والأفعال على حد سواء. أفرد له المحدثون علم (مصطلح الحديث) وتعرّض له الأصوليون في باب (الأخبار) من مباحث السنة. وهو لذلك متروك للباحثين في السنة بصفتها العامة، أو في الأخبار خاصة. وسيكون بحثنا في (الأفعال النبوية) بعد افتراض ثبوتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ووقوعها منه، وذلك فيما صحّ عند أهل الحديث، ثقة بأنهم أهل الاختصاص في ذلك.