الحاضرين، أن يتولّى عنه ما تولاه هو بنفسه، أكان ينتقل الحكم في حق الأمّة من الندب إلى الوجوب؟ إن الأوْلى أن يقال: إن الذي وجِهَ بالأمر يتعيّن عليه التنفيذ، ولكن ذلك الفعل ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كسائر أفعاله، ليجري على قانونها في حق الأمة.
وبهذا يتبيّن أن تمثيل الأصوليين للأفعال النبوية برجم ماعز، وقطع يد السارق، وقتال أهل مكة، وغير ذلك، هو تمثيل صحيح. واعتراض ابن الهمام الذي تقدم ذكره غير وارد. والله أعلم.
من الأفعال ما هو صريح في الفعلية، فلا يختلف في كونه فعلاً.
وذلك كالضرب، والمشي، والحب. والمثال الأول وهو الضرب، هو للفعل المؤثّر لا غير فاعله، والثاني للمجرّد المشاهَد، والثالث للمجرّد النفسي.
ومن الأفعال ما ليس صريحاً في الفعلية، فيدور الوهم فيه بين أن يكون فعلاً أو لا يكون. ومن ذلك الكتابة، والإشارة، والترك الإيجابي الذي يعبّر عنه بالكفّ أو الإمساك، والسكوت عن الجواب، والتقرير، والهمّ بالفعل، ونحو ذلك.
فهناك من يدعي أن الكتابة قول، وأن الترك والسكوت والتقرير ونحوها ليست أفعالاً.
والقول فعل غير صريح. فهو فعل من بعض الوجوه. كما سيأتي في موضعه في الفصل الثالث من الباب الثاني.
كثير من الأقوال يعبّر عنها بما يوهم الفعلية. ويجب أن لا يخدعنا ذلك عن حقيقة كونها أقوالاً، وذلك مثل: تشهّد، وكبّر، وسبّح، ولبّى، ومدح، وأثنى، ووبّخ فلاناً، ولعنه، ودعا عليه، وأمره، ونهَاه.
ودليل كونها أقوالًا أنها تفسير بالقول. فـ (التشهّد) هو قول: أشهد أن لا إله