الفعل دائماً عند تكرر المناسبات، وأما العموم فأن يفعله بجميع أقسامه، وعلى جميع الأوجه من الهيئات أو الأماكن أو غير ذلك.
وروي القول بالعموم في صيغة (كان يفعل) أبو يعلى، وهو ظاهر كلام الآمدي (?).
وقد روى البخاري الحديث: "كان - صلى الله عليه وسلم - يجمع الصلاتين في السفر" فقال البعض بأن ذلك يعمّ الجمع في السفر القصير، وفي السفر الطويل.
وقول من ادّعى العموم مردود بما قال ابن قاسم في شرح الورقات: "يمكن أن يجاب بأن (كان يفعل، وإن أفادت التكرار، فإن) كل مرة من مرات التكرار لا عموم فيها، لأنها إنما تقع في أحد السفرين. فالمجموع لا عموم فيه، إذ المركّب مما لا عموم فيه لا عموم فيه. واحتمال أن بعض المرات في أحد السفرين، وبعضهما في الآخر، غير معلوم ولا ظاهر. فصار اللفظ مجملاً بالنسبة للسفر القصير كما أشار إليه الشيخ أبو إسحاق في اللّمع" (?).
وشبيه بهذه المسألة، وإن لم يكن منها، ما قال الشوكاني في حديث عامر بن ربيعة: قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما لا أحصى يتسوَّك وهو صائم". قال الشوكاني: "الحديث يدلّ على استحباب السواك للصائم من غير تقييد بوقت دون وقت. وهو يرد على الشافعي قوله بكراهة التسوّك بعد الزوال للصائم، مستدلاً بحديث: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" (?).
فما قاله الشوكاني مردود، فإن حديث عامر يدل على تكرر وقوع السواك من النبي - صلى الله عليه وسلم - أثناء الصوم مرات كثيرة. ولكن لا ينبغي أن يفهم من ذلك العموم بالنسبة للوقت، إذ يحتمل أن تكون المرات كلها وقعت قبل الزوال، فكيف يصلح أن يكون هذا الحديث رداً لكلام الشافعي رضي الله عنه؟.