ومعناه عدم تخلّل الترك. فهو أخصّ من التكرار. فإن تكرار الشيء هو فعله مرتين أو ثلاثاً أو أكثر، وهو واضح في (كان يفعل). أما الدوام الذي لا يتخلّله ترك، فقد ادّعاه في هذا التركيب (كان يفعل) بعض الحنابلة، ونسبه ابن تيمية (?) إلى أبي يعلى وأبي الخطاب الحنبليين. واستدل به أبو يعلى على الوجوب، قال في حديث عبد الله بن زيد في استيعاب مسح الرأس: "هذا إخبار عن دوام فعله، وإنما يداوم على الواجب" ويعني بالدوام ما لم يتركه ولو مرة.
وقد تقدم أن أبا يعلى يقول بالوجوب في الفعل المجرّد، وتقدم الردّ عليه.
وتقدم أيضاً ذكر أن الدوام على الفعل المجرّد لا يدل على وجوبه.
ولكن الذي نريد هنا بيانه أن (كان يفعل) لا تدل على الدوام، وإنما تدل على التكرار والعادة الماضية. ومن أجل ذلك فلا تصلح هذه العبارة من الصحابي في رواية فعل نبويّ دليلاً على وجوب الفعل، حتى عند من يقول إن المواظبة دليل الوجوب.
ودليلنا على أن (كان يفعل) لا تدل على الدوام، أنها تدل في الماضي على ما يدل عليه (يفعل) في الحاضر، وقولنا (زيد يقري الضيف) لا يدل على أن قراه للضيف لا يتخلف البتة، بل يدل على أن عادته وأغلب أحواله أن يقري الضيف. فكذلك (كان يقري الضيف)، تدل على مثل ذلك في الماضي. والله أعلم.
وقد ادّعى الكثيرون أن (كان يفعل) تدل أيضاً على العموم في أقسام الفعل وأوجهه. وهي مسألة مهمة في فهم كثير من الأحاديث الفعلية المروية بهذه الصيغة. وهي غير مسألة دلالة هذا التركيب على المواظبة. فإن المواظبة تعني تكرار