بكثرة في زمن الأئمة الأربعة فمن بعدهم "وتصدى لهم الأئمة الأربعة، وأصحابهم، في دروسهم ومناظراتهم وتصانيفهم" (?).
وذكر الشاطبيّ (?) طائفة شبيهاً حالها بحال هؤلاء، إلّا أنها كانت تقبل الحديث إذا وافق القرآن. ومع ذلك فقد قال الشاطبي عنهم: "أنهم قوم لا خلاق لهم". ولا شك أنهم أهل لهذا الحكم.
ومما تمسّك به هؤلاء ظواهر قرآنية، نحو ظاهر قوله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} (?) وقوله: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء} (?).
والجواب أن الآية الأولى ليس المراد بالكتاب فيها القرآن، بل اللوح المحفوظ، كما هو واضح من السياق. وكان القرآن تبياناً لكل شيء بما دل عليه من الأدلة الأخرى، وهي السنة والإجماع والقياس.
ومما تمسّكوا به أيضاً أحاديث ضعيفة مردودة، كما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أتاكم عني فأعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله فلم أقله أنا، وكيف أخالف كتاب الله وبه هداني الله؟ ". قال عبد الرحمن بن مهدي: "الزنادقة وضعوا هذا الحديث" (?). وقال الصَّغَاني: "هذا الحديث موضوع" (?).
ومنه ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تكتبوا عني شيئاً إلا القرآن، فمن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه" (?). وهو معارض بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اكتبوا لأبي شاهٍ" (?). وإذنه لعبد الله بن عمرو (?) في كتابة ما يسمعه منه - صلى الله عليه وسلم -.