يتعين المندوب من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - بأمور:
الأول: بالقول. ومثاله أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيامه ليومي الاثنين والخميس فقال: "تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" (?).
فبيّن - صلى الله عليه وسلم - أنه استحبّ صيام اليومين المذكورين. ولو كان صومهما واجباً لما ذكر هذا، بل كان يبين وجوبه.
الثاني: أن يكون الفعل بياناً لقول دال على الندب، أو امتثالاً له.
الثالث: أن يسوّي بين الفعل وفعل آخر مندوب، والتخيير تسوية، لأنه لا يخيّر بين ما هو مندوب وما ليس بمندوب (?).
الرابع: أن يكون وقوعه مع قرينة قد تقرر في الشريعة أنها أمارة للندب، على وزن ما قالوه في الوجوب. ومثاله عندنا. أنه - صلى الله عليه وسلم -: "كان يوتر على البعير" (?). فذلك يقتصي أن الوتر في حقه - صلى الله عليه وسلم - مندوب، وليس واجباً، كما قاله ادّعى أنه كان واجباً عليه - صلى الله عليه وسلم - خاصة. وكذا يرد به على أبي حنيفة في قوله: "إِنه واجب عليه - صلى الله عليه وسلم - وعلينا" (?).