ونحن نرى أنه يجوز أن يكون بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - لمجملات القرآن بالأوجه الثلاثة المذكورة آنفاً، بالإضافة إلى وجه رابع، وهو الاجتهاد. فثبت جواز اجتهاده - صلى الله عليه وسلم - في بيان القرآن.
وأما قوله تعالى: {ثم إن علينا بيانه} فإذا أقرّ الله تعالى رسوله على ما بينّ، فهو بيان من الله، يوضحه أن تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه على عملٍ ما، هو بيان لمشروعية ذلك العمل، كما سيأتي في فصل التقرير، من الباب الثاني، إن شاء الله.
في جواز كون النبي - صلى الله عليه وسلم - متعبّداً بالاجتهاد القياسيّ خلاف. قال الآمدي: "اختلفوا في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هل كان متعبداً بالاجتهاد في ما لا نصّ فيه (?).
فقال أحمد بن حنبل والقاضي أبو يوسف: إنه كان متعبداً به.
وقال أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم: لم يكن متعبّداً به.
قال: وجوز الشافعي في رسالته ذلك من غير قطع (?)، وبه قال بعض أصحاب الشافعي، والقاضي عبد الجبار، وأبو الحسين البصري.
والمختار جواز ذلك عقلاً ووقوعه سمعاً (?). اهـ كلام الآمدي.