لقد كان ذلك كله حافزاً لاختيار الأفعال النبوية موضوعاً لدراسة أصولية، أخدم بها السنة المطهرة.
وقد سرت في عملي بحماس شديد شاعراً بعظم المهمة، ناظراً إلى الفراغ الكبير الذي ينتظر السداد.
لقد كان السير في الطريق الممهّدة سيراً رفيقاً. أما الفراغ الذي لم يطرق من قبل فقد كان السير فيه عسيراً مضلِّلاً، لولا عون الله وتسديده وتوفيقه.
وحرصاً على الطريق الممهّدة، لم أشأ أن أبدأ السير قبل أن أطّلع على كتابات شاملة في الأفعال، فحرصت كل الحرص على الحصول على رسالتي الحافظ العلائي وأبي شامة.
أما الأولى فقد حصلت عليها بيسر، إذ وجدتها هنا بالقاهرة.
وأما الأخرى، فقد طال البحث عنها في مكتبات العالم العربي فلم توجد فيه. ثم يسّر الله الكريم العثور عليها صدفة في إحدى المكتبات النائية في أوروبا، ولعلها النسخة الوحيدة في العالم من المؤلف المذكور. فحصّلت صورتها بعد عناء شديد.
إلاّ أنه قد تبيّن أن كلاً من الرسالتين المذكورتين عجالة، تغني من جوع ولكنها لا تُسمِن، وتنقع الغلة دون أن تعطي الريّ أو تشفي الصدر.
واستعنت بالله.
ورأيت أن من الأفعال ما ليس في فعليّته خفاء، كالصلاة والصوم والجهاد والركوع والسجود والأكل والشرب والنوم.
وأنّ من الأفعال ما اختلف في أنه فعل أو ليس بفعل كالترك والكتابة والإشارة والسكوت والإقرار.
فخصصت النوع الأول بباب وسمّيته باب الأفعال الصريحة.