كان عقله ورأيه واستحسانه وقياسه موافقا للسنة، كما قال مجاهد "أفضل العبادة الرأى الحسن، وهو اتباع السنة" قال تعالى: {وَيَرَى الّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الّذِى أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6] .
وكان السلف يسمون أهل الآراء المخالفة للسنة وما جاء به الرسول فى مسائل العلم الخبرية وأهل مسائل الأحكام العملية يسمونهم: أهل الشبهات والأهواء، لأن الرأى المخالف للسنة جهل لا علم، وهوى لا دين. فصاحبه ممن اتبع هواه بغير هدى من الله واتبع هواه بغير علم وغايته الضلال فى الدنيا والشقاء فى الآخرة، وإنما ينتفى الضلال والشقاء عمن اتبع هدى الله الذى أرسل به رسله، وأنزل به كتبه، كما قال تعالى: {فَإمَّا يَأْتيَّنكُمْ مِنِّى هُدى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاى فَلاَ يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 123-124] .
واتباع الهوى يكون فى الحب والبغض، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالٍدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيَّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَولَى بهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء: 135] ، وقال: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَنْ لا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] .
والهوى المنهى عن اتباعه كما يكون هو هوى الشخص فى نفسه، فقد يكون أيضا هوى غيره، فهو منهى عن اتباع هذا وهذا، لمضادة كل منهما لهدى الله الذى أرسل به رسله، وأنزل به كتبه.
فصل
فمن المحبة النافعة: محبة الزوجة وما ملكت يمين الرجل، فإنها معينة على ما شرع الله سبحانه له من النكاح وملك اليمين، من إعفاف الرجل نفسه وأهله، فلا تطمح نفسه إلى سواها من الحرام، ويعفها، فلا تطمح نفسها إلى غيره، وكلما كانت المحبة بين الزوجين أتم وأقوى كان هذا المقصود أتم وأكمل، قال تعالى: {هُوَ الّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ