فصل

إذا عرف هذا فكل حركة فى العالم العلوى والسفلى فسببها المحبة والإرادة، وغايتها المحبة والإرادة.

فإن الحركات ثلاث: إرادية، وطبعية، وقسرية.

فإن المتحرك إن كان له شعور بحركته وإرادة لها، فحركته إرادية، وإن لم يكن له شعور بحركته، أوله بها شعور وهو غير مريد لها، فحركته إما على وفق طبعه، أو على خلافه، فالأولى طبعية، والثانية قسرية.

أظهر من هذا أن يقال: مبدأ الحركة إما أن يكون أمرا مباينا للمتحرك، أو قوة فيه، فالأول الحركة فيه قسرية، والثانى، إما أن يكون له به شعور أم لا، فالأول: الحركة فيه إرادية، والثانى طبعية.

فالحركة متى لازمت الشعور والإرادة فهى إرادية، ومتى انتفى عنها الأمران، فإن كانت بقوة فى المتحرك فهى الطبعية، وإن كانت من غير قوة فى المحرك فهى القسرية.

وكل حركة فى السماوات والأرض: من حركات الأفلاك، والنجوم، والشمس، والقمر، والرياح، والسحاب، والنبات، والحيوان، فهى ناشئة عن الملائكة الموكلين بالسماوات والأرض، كما قال تعالى:

{فَالمُدَبِّرَاتِ أمْرا} [النازعات: 5] ، وقال {فَالمُقَسِّمَاتِ أَمْراً} [الذاريات: 4] .

وهى الملائكة عند أهل الإيمان وأتباع الرسل عليهم السلام، وأما المكذبون للرسل، المنكرون للصانع، فيقولون: هى النجوم.

وقد أشبعنا الرد على هؤلاء فى كتابنا الكبير المسمى بالمفتاح.

وقد دل الكتاب والسنة على أصناف الملائكة، وأنها موكلة بأصناف المخلوقات، وأنه سبحانه وكِّل بالجبال ملائكة، ووكل بالسحاب والمطر ملائكة، ووكل بالرحم ملائكة تدبر أمر النطفة حتى يتم خلقها. ثم وكل بالعبد ملائكة لحفظه، وملائكة لحفظ ما يعمله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015