المقصودة التى يقصد فيها الثمن، والمثمن. وأما ما تواطآ فيه على الربا المحض، ثم أظهرا بيعا غير مقصود لهما البتة، يتوسلان به إلى أن يعطيه مائة حالة بمائة وعشرين مؤجلة، فهذا ليس من التجارة المأذون فيها، بل من الربا المنهى عنه، والله أعلم.

فصل

وأما استدلالكم بالمعاريض على جواز الحيل.

فما أبطله من استدلال، فأين المعاريض التى يتخلص بها الإنسان من الظلم والكذب إلى الحيل التى يسقط بها ما فرض الله تعالى، ويستحل بها ما حرم الله، فالمعَرِّض تكلم بحق، ونطق بصدق فيما بينه وبين الله تعالى، لا سيما إذا لم ينو باللفظ خلاف ظاهره فى نفسه، وإنما كان الظهور من ضعف فهم السامع وقصوره فى معرفة دلالة اللفظ، ومعاريض النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ومزاحه عامته كان من هذا الباب، كقوله صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ مِنْ مَاءٍ" و "إِنَّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلدِ النَّاقَةِ" و "وَزوَجُكِ الّذِى فى عَيْنِه بيَاضٌ" و "لا يَدْخُلُ الجنة عَجُوزٌ".

وأكثر معاريض السلف كانت من هذا.

فالمعرِّض إنما يقصد باللفظ ما جعل اللفظ دالا عليه ومثبتا له فى الجملة، فهو لم يخرج بتعريضه عن حدود الكلام، فإن الكلام فيه الحقيقة والمجاز، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، والمفرد والمشترك، والمتباين والمترادف، وتختلف دلالته تارة بحسب اللفظ المفرد، وتارة بحسب التأليف، فأين هذا من الحيل التى يقصد بالعقد فيها ما لم يشرع العقد له أصلاً، ولا هو مقتضاه، ولا موجبة شرعاً ولا حقيقة؟،.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015