مُسْلِماً، فقَالَ: "اضْرِبُوهُ حَدَّهُ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله: إِنّهُ أَضْعَفُ مَّمِا تحْسبُ، لَوْ ضَرَبْنَاهُ مِائَةً قَتَلْنَاهُ، فقَالَ: "خُذُوا له عِثْكالاً فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، ثُمَّ اضْرِبُوهُ بهِ ضَرْبةً وَاحِدَةً، فَفَعَلُوا".

وأما قصة أيوب فلها فقه دقيق، فإن امرأته كانت لشدة حرصها على عافيته وخلاصه من دائه تلتمس له الدواء بما تقدر عليه. فلما لقيها الشيطان وقال ما قال، أخبرت أيوب عليه السلام بذلك، فقال: إنه الشيطان، ثم حلف: لئن شفاه الله تعالى ليضربنها مائة سوط، فكانت معذورة محسنة فى شأنه، ولم يكن فى شرعهم كفارة، فإنه لو كان فى شرعهم كفارة لعدل إلى التكفير، ولم يحتج إلى ضربها، فكانت اليمين موجبة عندهم، كالحدود، وقد ثبت أن المحدود إذا كان معذوراً خفف عنه، بأن يجمع له مائة شمراخ، أو مائة سوط، فيضرب بها ضربة واحدة، وامرأة أيوب كانت معذورة، لم تعلم أن الذى خاطبها الشيطان، وإنما قصدت الإحسان، فلم تكن تستحق العقوبة، فأفتى الله نبيه أيوب عليه السلام أن يعاملها معاملة المعذور، هذا مع رفقها به، وإحسانها إليه، فجمع الله له بين البر فى يمينه، والرفق بامرأته المحسنة المعذورة التى لا تستحق العقوبة. فظهر موافقة نص القرآن فى قصة أبوب عليه السلام لنص السنة فى شأن الضعيف الذى زنى، فلا يتعدى بها عن محلها.

فإن قيل: فقولوا هذا فى نظير ذلك، ممن حلف ليضربن امرأته أو أمته مائة، وكانتا معذورتين، لا ذنب لهما: أنه يبر بجمع ذلك فى ضربة بمائة شمراخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015