ولهذا التفريق مأخذ آخر من هذا الذى ذكره الشارح، وهو أن الطلاق لا يصح التزامه، وإنما يلزم التطليق، فإن الطلاق هو الواقع بالمرأة، وهو اللازم لها، وإنما الذى يلتزمه الرجل: هو التطليق، فالطلاق لازم لها إذا وقع.

إذا تبين هذا فالتزام التطليق لا يوجب وقوع الطلاق، فإنه لو قال: إن فعلت كذا فعلى أن أطلقك، أو تالله على أن أطلقك، أو فتطليقك لازم لى، أو واجب على، وحنث لم يقع عليه الطلاق. فهكذا إذا قال: إن فعلت كذا فالطلاق يلزمنى، لأنه إنما التزم التطليق، ولا يقع بالتزامه.

والموقعون يقولون: هو قد التزم حكم الطلاق، وهو خروج البضع من ملكه، وإنما يلزمه حكمه إذا وقع، فصار هذا الالتزام مستلزما لوقوعه.

فقال لهم الآخرون: إنما يلزمه حكمه إذا أتى بسببه، وهو التطليق، فحينئذ يلزمه حكمه، وهو لم يأت بالتطليق منجزا بلا ريب، وإنما أتى به معلقاً له، والتزام التطليق بالتنجيز لا يلزم، فكيف يلزم بالتعليق؟.

والمنصف المتبصر لا يخفى عليه الصحيح، وبالله التوفيق.

فصل

وممن ذكر الفرق بين الطلاق، وبين الحلف بالطلاق: القاضى أبو الوليد هشام ابن عبد الله بن هشام الأزدى القرطبى فى كتابه "مفيد الحكام فيما يعرض لهم من نوازل الأحكام".

فقال فى كتاب الطلاق من ديوانه، وقد ذكر اختلاف أصحاب مالك فى الأيمان اللازمة. ثم قال: ولا ينبغى أن تتلقى هذه المسألة هكذا تلقيا تقليدياً إلا أن يشمها نور الفهم ويوضحها لسان البرهان، وأنا أشير لك إلى نكتة تسعد بالغرض فيها إن شاء الله تعالى.

منها: الفرق بين الطلاق إيقاعاً، وبين اليمين بالطلاق، وفى المدونة كتابان موضوعان: أحدهما لنفس الطلاق، والثانى للأيمان بالطلاق، ووراء هذا الفن فقه على الجملة. وذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015