للحق؟ فإن سمت أجنبيا غير الزوج كلفها الحاكم البينة على ذلك، وإن قالت: أنا الذى كنت أطعم نفسى وأكسوها فى هذه المدة، كان كذبها معلوماً، ولم يقبل قولها، فإن النفقة والكسوة واجبان على الزوج، وهى تدعى أنها هى التى قامت عنه بهذا الواجب وأدته من مالها، وهو ويدعى أنه هو الذى فعل هذا الواجب، وقام به، وأسقطه عن نفسه، ومعه الظاهر والأصل.

أما الظاهر: فلا يمكن عاقلاً أن يكابر فيه، بل هو ظاهر ظهوراً قريبا من القطع بل يقطع به فى حق أكثر الناس.

وأما الأصل: فهو أيضاً من جانب الزوج. فإنهما قد اتفقا على القيام بواجب حقها، وهى تضيف ذلك إلى نفسها، أو إلى أجنبى، وهو يدعى أنه هو الذى قام بهذا الواجب، فقد اتفقا على وصول النفقة والكسوة إليها، وهى تقول: كان ذلك بطريق البدل والنيابة عنك. وهو يقول: لم يكن بطريق النيابة، بل بطريق الأصالة.

وهذا بخلاف ما إذا لم يعلم وصول الحق إلى مستحقه كالديون والأعيان المضمونة، فإن قبول قول المنكر متوجه ومعه الأصل.

ونظيره: أن يعترف بقضاء الدين ووصوله إليه، ثم ينكر أن يكون وصل إليه من جهة من عليه الدين. فيقول: وصل إلى الدين الذى لى، لكن ليس من جهتك، بل غيرك أداه عنك. فهل يقبل قوله هاهنا أحد؟ ويقال: الأصل بقاء الدين فى ذمته؟.

وهذا نظير مسألة الإنفاق سواء بسواء، فإنها مقرة بوصول النفقة إليها، ولو أنكرتها لكذبها الحس، ومدعية أن وصول ذلك إلى لم يكن من جهتك، فدعواها تخالف الأصل والظاهر جميعاً. ولهذا لا يقبلها مالك، وفقهاء أهل المدينة، وقولهم هو الصواب والحق الذى ندين الله به، ولا نعتقد سواه.

وأى قبيح أعظم من دعوى امرأة على الزوج ترك النفقة والكسوة ستين سنة أو أكثر وهى لا تدخل ولا تخرج، ولا يمكنها أن تعيش عيش الملائكة، فيطالب الزوج بنفقة جميع المدة التى ادعت ترك الإنفاق فيها، وقد تستغرق جميع ماله وداره وثيابه ودوابه. فيؤخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015