المشترى على دفع الثمن. فإن كان ماله غائبا عن المجلس حجر عليه فى ماله كله حتى يسلم الثمن. وإن كان غائباً عن البلد فوق مسافة القصر، ثبت للبائع الفسخ. وإن كان دونها، فهل يحجر عليه، أو يثبت للبائع الفسخ؟ على وجهين. وإن كان المشترى معسراً، فللبائع الفسخ والرجوع فى عين ماله. هذا منصوص أحمد، والشافعى.
وللشافعية وجه: أنه تباع السلعة، ويقضى دينه من ثمنها. فإن فضل له فضل أخذه وإن فضل عليه شئ استقر فى ذمته.
والصحيح: أن البائع يملك حبس السلعة على الثمن، حتى يقبضه، هذا هو موجب العدل، وإلا ففى تمكين المشترى من القبض قبل الإقباض إضرار بالبائع، فإنه قد يتلف المبيع بأن يكون طعاماً أو شراباً فيستهلكه، ويتعذر أو يتعسر عليه مطالبته بالثمن فيضر به ولا يزول ضرره إلا بحبس المبيع على ثمنه.
وعلى هذا، لو دفع الثمن إلا درهما منه، فله حبس المبيع كله على باقى الثمن، كما نقول فى الرهن.
وفيه قول آخر: أنه يملك أن يتسلم من المبيع بقدر ما دفع من الثمن، لأن كل جزء من المبيع فى مقابلة كل جزء من أجزاء الثمن، فإذا سلم بعض الثمن ملك تسليم ما يقابله. والفرق بينه وبين الرهن: أن الرهن ليس بعوض من الدين. وإنما هو وثيقة، فملك حبسه إلى أن يستوفى جميع الدين. والأول هو الصحيح، لأنه إنما رضى بإخراج المبيع من ملكه إذا سلم له جميع الثمن، ولم يرض بإخراجه، ولا إخراج شئ منه ببعض الثمن.
فإذا خاف البائع أن يجبر على التسليم، ثم يحال على تقاضى المشترى.
فالحيلة له فى الأمن من ذلك: أن يبيعه العين بشرط أن يرتهنها على ثمنها، ويجوز شرط الرهن والضمين فى عقد البيع، ويصح رهنه قبل قبضه على ثمنه فى أصح الوجهين، كما يصح رهنه قبل القبض بدين آخر غير ثمنه، ومن غير البائع، بل رهنه على ثمنه أولى. فإنه يملك حبسه على الثمن بدون الرهن كما تقدم، فلأن يصح حبسه على الثمن رهنا أولى وأحرى.
وأيضاً. فإذا جاز التصرف فيه بالرهن من الأجنبى قبل القبض، فجوازه من البائع أولى.