وكذلك لو قال: له على ألف من ثمن مبيع لم أقبضه، أو أجرة عن دار لم أتسلمها، أو قال: هلك قبل التمكن من قبضه، على أصح الوجهين، لأنه إنما أقر به على هذه الصفة، فلا يجوز إلزامه به مطلقاً.
وكذا لو قال: كان له على ألف فقصيته، لم يلزمه، لأنه إنما أقر به فى الماضى، لا فى الآن، هذا منصوص أحمد، وليس الكلام بمتناقض فى نفسه، فيكون بمنزلة قوله: له على ألف لا تلزمنى. والفرق بين الكلامين أظهر من أن يحتاج إلى بيان.
وعن أحمد رواية أخرى: أنه مقر بالحق مدع لقضائه، فلا يقبل منه إلا ببينة. وهذا قول الأئمة الثلاثة.
وعنه رواية ثالثة: أن هذا ليس بجواب صحيح، فيطالب برد الجواب.
وعلى هذا، فإذا قال: له على ألف قضيته إياه. ففيه ثلاث روايات منصوصات.
إحداهن: أنه غير مقر، كما لو قال: كان له على.
والثانية: أنه مقر مدع للقضاء، فلا يقبل منه إلا ببينة.
والثالثة: أنه لا يسمع منه دعوى القضاء، ولو أقام به بينة. بل يكون مكذبا لها، وعلى هذا إذا قال: كان له على، ولم يزد على هذا فهو مقر.
وخرج أنه غير مقر من نصه، على أنه إذا قال: كان له على وقضيته: أنه غير مقر، وهو تخريج فى غاية الصحة، فإن أحمد لم يجعله غير مقر من قوله: وقضيته. فإن هذا دعوى منه للقضاء، وإنما جعله كذلك من جهة أنه أخبر عن الماضى، لا عن الحال، فلا يلزم بكونه فى ذمته فى الحال، وهو لم يقربه.
والمقصود: أن المدعى عليه إذا كان مظلوماً، فالحيلة فى تخلصه، أن يقول: إن ادعيت كذا من جهة كذا وكذا، فأنا غير مقر به، وإن ادعيته من جهة كذا وكذا فأنا مقر به، كان جواباً صحيحاً، ولم يكن مقراً على الإطلاق.
المثال التاسع والسبعون: قال أصحابنا: لا يملك البائع حبس المبيع على قبض ثمنه، بل يجبر على تسليمه إلى المشترى، ثم إن كان الثمن معينا فتشاحنا فى المبتدئ بالتسليم، جعل بينهما عدل يقبض منهما، ويسلم إليهما. وإن كان ديناً أجبر البائع على التسليم، ثم يجبر