حافظاً لدينه، ولا بدلا من الكتاب الشهود، فإن الراهن يتمكن من أخذه منه، ويقول: إنما رهنته منه على ثمن درهم ونحوه، ومن يجعل القول قول الراهن، فإنه يصدقه على ذلك ويقبل قوله فى رهن الربع والضيعة على هذا القدر. فالذى نعتقده وندين الله به: هو قول أهل المدينة. فإذا أراد الرجل حفظ حقه، وخاف أن يقع التحاكم عند حاكم لا يرى هذا المذهب.
فالحيلة فى قبول قوله: أن يسترهنه المرتهن على قيمته، ويدفع إليه ما اتفقا عليه، ويشهد الراهن أن الباقى من قيمته أمانة عنده، أو قرض فى ذمته يطالبه به متى شاء، فيتمكن كل واحد منهما من أخذ حقه، ويأمن ظلم الآخر له، والله أعلم.
المثال السابع والسبعون: إذا كان لرجل على رجل ألف درهم، وفى يده رهن بالألف، فطالب صاحب الدين الغريم بالألف، وقدمه إلى الحاكم، وقال: لى على هذا ألف درهم، وخاف أن يقول: وله عندى رهن بالألف وهو كذا وكذا. فيقول الغريم: ماله على هذه الألف التى يدعيها، ولا شئ منها، وهذا الذى ادعى أنه لى رهن فى يده هو لى، كما قال، ولكنه ليس برهن، بل وديعة، أو عارية، فيأخذه منه ويبطل حقه.
فالحيلة فى أمنه من ذلك: أن يدعى بالألف، فيسأل الحاكم المطلوب عن المال، فإما أن يقر به، وإما أن ينكره، فإن أقر به وادعى أن له رهنا لزمه المال ودفع الرهن إلى صاحبه، أو بيع فى وفائه. وإن أنكره وقال: ليس له على شئ، ولى عنده تلك العين: إما الدار وإما الدابة. فليقل صاحب الحق للقاضى: سله عن هذا الذى يدعى على: على أى وجه هو عندى؟ أعارية، أم غصب أم وديعة، أم رهن؟ فإن ادعى أنه فى يده على غير وجه الرهن حلف على إبطال دعواه، وكان صادقاً، وإن ادعى أنه فى يده على وجه الرهن، قال للقاضى: سله: على كم هو رهن؟ فإن أقر بقدر الحق أقر له بالعين، وطالب بحقه. وإن جحد بعضه حلف على نفى ما ادعاه، وكان صادقاً.
المثال الثامن والسبعون: إذا باعه سلعة ولم يقبضه إياها، أو أجره دارا ولم يتسلمها، أو زوِّجه ابنته ولم يسلِّمها إليه. ثم ادعى عليه بالثمن، أو الأجرة، أو المهر، فخاف إن أنكر أن يستحلفه، أو يقيم عليه البينة بجريان هذه العقود، وإن أقر لزمه ما ادعى عليه به.