غريمه، ثم يصالحه من دعواه على مال، ولا يفتقر إلى إذن المدعى عليه، ولا وكالته، إن كان المدعى دينا، لأنه يقول: إن كان كاذباً فقد استنقذته من هذه الدعوى، وذلك بمنزلة فكاك الأسير، وإن كان صادقاً فقد قضيت عنه بعض دينه، وأبرأه المدعى من باقيه، وذلك لا يفتقر إلى إذنه. وإن كان المدعى عينا، لم يصح حتى يقول: قد وكلنى المنكر. لأنه يقول: قد اشتريت له هذه العين المدعاة بالمال الذى أصالحك عليه، فإن لم يعترف أنه وكله، وإلا لم يصح.

فإن لم يعترف بوكالته، فطريق الصحة: أن يصالح الأجنبى لنفسه، فيكون بمنزلة شراء العين المغصوبة. فإن اعترف بها المدعى باطنا، صار هو الخصم فيها. وإن لم يعترف بها له لم يسعه أن يخاصم فيها المدعى عليه، ويكون اعترافه له بها ظاهراً حيلة على تصحيح الصلح.

وعلى هذا، فإن كان المدعى دار خلفها الميت لابنه وامرأته، فادعاها رجل فصالحاه من دعواه على مال، فإن كان صلحاً على الإنكار فالدار بينهما على ثمانية أسهم، على المرأة الثمن، وعلى الابن سبعة أثمان. وإن كان على الإقرار، فالمال بينهما نصفان والدار لهما نصفان. فإذا أراد لزوم الصلح على الإنكار، صالح عنهما أجنبى على الإقرار فلزم الصلح، وكان المال بينهما على سبعة أثمان، وكذلك الدار، فإنهما لم يقرا له بالدار وإقرار الأجنبى لا يلزمهما حكمه.

المثال الخامس والأربعون: إذا ادعى عليه أرضا فى يده، أو داراً أو بستانا. فصالحه على عشرة أذرع، أو أقل، أو أكثر، جاز، وكذلك لو صالحه على عشرة أذرع من أرض أو أخرى، جاز، لأنه يقول: قد أخذت بعض حقى وأسقطت البعض.

فإن خاف أن يرفعه إلى حاكم حنفى، لا يرى جواز ذلك بناء على أنه لا يجوز بيع ذراع، ولا عشرة، من أرض أو دار. فطريق الجواز: أن يذرع الدار التى صالحه على هذا القدر منها، ثم ينسبه إلى المجموع، فما أخرجته النسبة أوقع الصلح عليه، ويصح ذلك ويلزم.

المثال السادس والأربعون: إذا أوصى لرجل بخدمة عبده مدة معينة، أو ما عاش، جاز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015