أمراضه وعلاجها أهمَّ ما تنسَّك (?) به الناسكون.
ولمَّا علم عدو الله إبليس أن المدار على القلب والاعتماد عليه؛ أجلبَ عليه بالوساوس، وأقبل بوجوه الشهوات إليه، وزيَّن له من الأحوال (?) والأعمال ما يصدُّه به عن الطريق، وأمدَّه من أسباب الغَيّ بما يقطعه عن أسباب التوفيق، ونصبَ له من المصايد والحبائل ما إن سَلِم من الوقوع فيها لم يَسلَمْ من أن يحصل له بها التعويق، فلا نجاة من مصايده ومكايده إلا بدوام الاستعانة (?) بالله تعالى، والتعرُّضِ لأسباب مرضاته، والْتِجَاءِ القلب إليه وإقباله عليه في حركاته وسكناته، والتحقُّق بِذُلِّ العبودية الذي هو أو لى ما تلبَّس به الإنسان ليحصل له الدخول في ضمانِ {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42]؛ فهذه الإضافة هي القاطعة بين العبد وبين الشياطين، وحصولها بسبب تحقيق مقام العبودية لرب العالمين، وإشعار القلب بإخلاص (?) العلم ودوام اليقين، فإذا أُشرب القلبُ العبوديةَ والإخلاص صار عند الله من المقربين، وشَمِلَه استثناءُ {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 40].
ولمَّا منَّ الله الكريم بلطفه بالاطِّلاع على ما أَطْلَعَ عليه من أمراض القلوب وأدوائها، وما يَعرِض لها من وساوس الشياطين أعدائها، وما تُثْمِرُها (?) تلك