فإنه منصور، ولا يفوت النجاح إلا من فوات خصلةٍ من هذه الخصال، وإلا فمع اجتماعها لا يفوته النجاح.
فهذه أربع مقامات، يحتاج إلى محاسبة نفسه عليها قبل الفعل؛ فلا كلُّ ما يريد العبد فعله يكون مقدوراً له، ولا كلُّ ما يكون مقدوراً له يكون فعله خيراً له من تركه، ولا كلُّ ما يكون فعله خيراً له من تركه [25 ب] يفعله لله، ولاكلُّ ما يفعله لله يكون مُعاناً عليه، فإذا حاسب نفسه على ذلك تبين له ما يُقدم عليه، وما يحُجِم عنه.
فصل
النوع الثاني: محاسبة النفس بعد العمل، وهو ثلاثة أنواع:
أحدها: محاسبتها على طاعة قصّرت فيها من حق الله؛ فلم تُوقِعها على الوجه الذي ينبغي.
وحق الله في الطاعة بمراعاة ستة أمور قد تقدّمت، وهي: الإخلاص في العمل، والنصيحة لله فيه، ومتابعة الرسول فيه، وشهود مشهد الإحسان فيه، وشهود مِنّة الله عليه فيه، وشهود تقصيره فيه بعد ذلك كله. فيحاسب نفسَه: هل وَفَّى هذه المقامات حقَّها؟ وهل أتى بها في هذه الطاعة؟
الثاني: أن يحاسب نفسه على عمل كان تركُه خيراً له من فعله.
الثالث: أن يحاسب نفسه على أمر مباح أو معتاد: لِمَ فعله؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة؛ فيكون رابحاً فيه، أو أراد به الدنيا وعاجلها؟ فيخسر ذلك الربح ويفوته الظَّفَرُ به.