وكذلك قال أصحاب مالك: مَنْ سَبقَ لسانُه إلى الطلاق لم يَقَعْ عليه الطلاق. قالوا: ويُقْبَلُ في الفتوى (?).
وأبو حنيفة لا يرى سَبْقَ اللسان مانعًا من وقوع الطلاق، وعنه في سبق اللسان في العتق: روايتان، وقرَّرَ أصحابُه بأن المرأة تملك بُضعها لسببٍ يستوي فيه القصدُ وعدمُ القصد، كالسكران، والمكره، والهازل، وكالرضاع، بالاتفاق؛ فزوال البُضع لا يختلف في سببه القصدُ وعدمُ القصد، بخلاف العتق، فإن السبب الذي يملك به نفسه يختلف فيه القصد وعدمه، وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة التسوية بينهما، ثم اختلف أصحابه، فقالت طائفة: هما سواء في الوقوع، وقالت طائفة: بل هما سواء في عدم الوقوع (?).
والمقصودُ أن سبق اللسان إلى الطلاق من غير قصدٍ له مانعٌ من وقوعه عند الجمهور.
والغضبانُ إذا عَلِم من نفسه أنَّ لسانه سَبَقه بالطلاق من غير قصدٍ جازَ له الإقامةُ على نكاحه، ويُدَيَّن في الفتوى، وأما قبولُه في الحكم فيُخَرَّج على الخلاف، والأظهرُ أنه إنْ قامت قرينةٌ ظاهرةٌ تدلُّ على صحة قولهِ قُبِل في الحكم، والغضبُ الشديدُ من أقوى القرائن، ولا سيَّما فإن كثيرًا ممن يطلِّق في شدة الغضب يحلفُ بالله جَهْدَ يمينه أنه لم