أفعاله (?).
الوجه الرابع والعشرون: أن غاية التلفُّظ بالطلاق أن يكون جزءَ سببٍ، والحكمُ لا يتمُّ إلا بعد وجود سببه وانتفاء مانعه، وليس مجرَّدُ التلفظ سببًا تامًّا، باتفاق الأئمة، كما تقدم.
وحينئد، فالقصد والعلمُ والتكليفُ إما أن تكود بقيةَ أجزاءِ السبب (?)، أو تكون شروطًا في اقتضائه، أو يكون عدمُها مانعًا من تأثيره. وعلى التقادير الثلاثة، فلا يؤثِّر التكلُّمُ بالطلاق بدونها.
وليسِ مع من أوقع طلاق الغضبان، والسكران، والمكره، ومن جرى على لسانه بغير قصدٍ منه، إلا مجرَّدُ السبب، أو جزؤُه، بدون شرطِه وانتفاء مانعه، وذلك غير كافٍ في ثبوت الحكم، والله أعلم.
الوجه الخامس والعشرون: أنه لو سَبَق لسانُه بالطلاق ولم يُرِدْهُ، دُيِّنَ فيما بينه وبين الله تعالى، ويُقْبَل منه ذلك في الحكم، في إحدي الروايتين عن أحمد، إلا أن تُكذِّبه قرينة. والرواية الأخرى: يُدَيَّنُ، ولا يُقبَل في الحكم (?).
وكذلك قال أصحاب الشافعي، إذا سبق الطلاقُ إلى لسانه بغير قصدٍ فهو لغو، ولكن لا تُقْبَلُ دعوى سبق اللسان إلا إذا ظهرت قرينةٌ تدل عليه. فقبلوا منه في الباطن دون الحكم إلا بقرينة (?).