وعارض الغضب قد يكون أقوى من كثير من هذه العوارض فإذا كان الواحد من هؤلاء لا يترتب على كلامه مقتضاه لعدم القصد فالغضبان الذي لم يقصد ذلك أن لم يكن أولى بالعذر منهم لم يكن دونهم يوضحه
"الوجه الثالث عشر" ان الطلاق في حال الغضب له ثلاث صور "أحداها" ان يبلغه عن امرأته أمر يشتد غضبه لأجله ويظن انه حق فيطلقها لاجله ثم يتبين انها بريئة منه فهذا في وقوع الطلاق به وجهان أصحهما انه لا يقع طلاقه لإنه إنما طلقها لهذا السبب والعلة والسبب كالشرط فكانه قال ان كانت فعلت ذلك فهي طالق فإذا لم تفعله لم يوجد الشرط وقد ذكر المسالة بعينها ابو الوفاء ابن عقيل وذكر الشريف ابن ابي موسى في إرشاده فيما إذا قال أنت طالق إن دخلت الدار بفتح الهمزة مرارا وهو يعرف العربية ثم تبين أنها لم تدخل لم تطلق ولا يقال هو ها هنا قد صرح بالتعليل بخلاف ما إذا لم يصرح به فان هذا لا تأثير له فإنه قد أوقع الطلاق لعلة فإذا انتفت العلة تبينا انه لم يكن مريدا لوقوعه بدونها سواء صرح بالعلة أو لم يصرح بها وغاية الأمر ان تكون العلة بمنزلة الشرط وهو لو قال انت طلق وقال اردت ان فعلت كذا وكذا دين فيما بينه وبين الله تعالى وقد ذكر أصحاب الشافعي احمد فيما إذا كاتب عبده على عوض فاداه اليه فقال: انت حر ثم تبين ان العوض مستحق لم يعتق مع تصريحه بالحرية فالطلاق أولى بعدم الوقوع في هذه الصورة. "الصورة الثانية" ان يكون قد غضب عليها لامر قد علم وقوعه منها فتكلم بكلمة الطلاق قاصدا للطلاق عالما بما يقول عقوبة لها على ذلك فهذا يقع طلاقه اذ لو يقع هذا الطلاق لم يقع اكثر الطلاق فانه غالبا يقع مع الرضا "92 مكرر" "الصورة الثالثة": ان لا يقصد امرا بعينه ولكن الغضب حمله على ذلك وغير عقله ومنعه كمال التصور والقصد فكان بمنزلة الذي فيه نوع من السكر والجنون فليس هو غائب