"الوجه العاشر" ان الغضب مرض من الأمراض وداء من الأدواء فهو في أمراض القلوب نظير الحمى والوسواس والصرع في أمراض الا بدان فالغضبان المغلوب في غضبه كالمريض والمحموم والمصروع المغلوب في مرضه والمبرسم المغلوب في برسامه وهذا قياس صحيح في الغضبان الذي قد اشتد به الغضب حتى لا يعلم ما يقول واما إذا كان يعلم ما يقول ولكن يتكلم به حرجا وضيقا وغلقا لا قصدا للوقوع فو يشبه المبرسم والهاجر من الحمى من وجه ويشبه المكره القاصد للتكلم من وجه ويشبه المختار القاصد للطلاق من وجه فهو متردد بين هذا وهذا وهذا ولكن جهة الاختيار والقصد فيه ضعيف فإنه يعلم من نفسه انه لم يكن مختارا لما صدر منه من خراب بيته وفراق حبيبه وكونه يراه في يد غيره فان كان عاقلا لايختار هذا إلا ليدفع به ما هو اكره إليه منه أو ليحصل به ما هو أحب إليه فإذا انتفى هذا أو هذا لم يكن مختارا لذلك وهذا امر يعلمه كل إنسان من نفسه فصار تردده بين المريض المغلوب والمكره المحمول على الطلاق وأيهما كان فانه لا ينفذ طلاقه. "فان قيل" الفرق بينهما ان المريض المغلوب لا يملك نفسه في الحال والمكره وان يملك نفسه لكنه لا يملك دفع المكروه عنه وأما الغضبان فإنه يملك نفسه. كما قال النبي: "ليس الشديد بالصرعه ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب"