"فإن قيل": فيلزمكم على هذا انه لوحلف في هذه الحال ان لا تنعقد يمينه "قيل" قد قال بذلك جماعة من السلف والخلف واختاره من لا يرتاب في امامته وجلالته وكان يقرن بالأئمة الكبار اسماعيل بن اسحاق القاضي. "فان قيل" لكن المنقول عن الصحابة وجمهور التابعين والأئمة الاربعة اعتبار نذر اللجاج والغضب وان تنازعوا في موجبه فأوجب مالك واهل العراق الوفاء به كنذر التبرر وخبر الليث بن سعد والشافعي واحمد بن حنبل بين فعله وبين فعله وبين كفارة اليمين ولم يقل احد منهم: انه لا ينعقد وانه لغو. وقد ذكر الله تعالى الكفارة في الإيمان كلها ولم يحصل منها يمين الغضب دون يمين الرضا. "قيل" نعم هذا حق ولكن اليمين لما قصد صاحبها الحض أو المنع كانت الكفارة رافعة لما حصل بها من الضرر بخلاف الطلاق والعتاق فانهما اتلاف محض لملك البضع والرقبة ولا كفارة فيهما فالضرر الحاصل بوقوعهما لا يندفع بكفارة ولا غيرها وكما انه يفرق في الإكراه بين نوع ونوع فالإكراه يبيح الأقوال عندنا وعند الجمهور وكل قول اكره عليه بغير حق فانه باطل وأبو حنيفة يفرق بين نوع ونوع والإكراه على الأفعال ثلاثة أنواع. "نوع" لا يباح بالإكراه كقتل المعصوم وإتلاف أطرافه "ونوع" يبيحه الإكراه بشرط الضمان كإتلاف مال المعصوم. "ونوع" مختلف فيه كالزنا والشرب والسرقة وفيه روايتان عن الإمام احمد فما أمكن تلافيه أبيح بالإكراه كالأقوال والأموال وما كان ضرره كضرر الإكراه لم يبح به كالقتل فانه ليس قتل المعصوم بحياة المكره أولى من العكس.