طلاقة فتأمل هذا الفرق فانه حرف المسالة ونكتتها وهذا بخلاف من خاصمته امرأته وهو يعلم من نفسه إرادة المقام معها على الخصومة وسوء الخلق ولكن حملة الغضب على ان شفي نفسه بالتكلم بالطلاق كسرا لها وأطفأء لنار غضبه. يوضحه
"الوجه السابع" وهو: ان الغضبان يفعل أمورا من شق الثياب واتلاف المال وغير ذلك مما لو اكره حتى يتكلم بالطلاق لم ينفذ طلاقه ولغت أقواله فإذا فعل هو هذه الأمور علم ان الذي الجأه اليها اعظم من الاكراه فإن المكره لو اكره بها لم يفعلها وهذا قد فعلها ان المقتضي لفعلها فيه أولى من اقتضاء الاكراه لفعلها والمكره لو فعل به ذلك كان مكرها فالغضبان كذلك وهذا واضح جدا "فإن قيل": المكره إذا تكلم بما اكره عليه دفع عنه الضرر والغضبان لا يدفع عنه بهذا القول ضررا فليس كالمكره. "قيل" لا ريب انهما يفترقان في هذا الوجه ولكن لا يوجب ذلك ان يكون الغضبان مختارا مريدا لما قاله أو فعله بك اكره شيء اليه وهذا امر لا يمكن دفعه. "فإن قيل": فما الحامل على ما يكره ويؤديه من غير ان يتوصل به إلى ما هو احب اليه منه ? "قيل" لما كان الغضب عدو العقل وهو له كالذئب للشاة قل ما يتمكن منه الا اغتال عقله فقد إزاله الغضب وأطفأ ناره وهذا مقصود صحيح في نفسه لكن لما غاب عنه عقله قصد ازالة ذلك مما فيه ضرر عليه ليخفف عن نفسه ما هو فيه من البلاء ولولا ذلك لم يفعل ما لا يفعله في الرضا ولا تكلم بما لم يكن به فهو قصد ان يستريح ويسكن ويبرد غضبه بتلك الأقوال والأفعال وان لم يدفع ذلك عنه بجملته تلك الشدة فانها تخفف وتضعف فاقتضت رحمة الشارع به ان الغي أقواله في هذه الحال ان تمكن ان لا يترتب عليها اثرها وتكون كأقوال المبرسم والمجنون الهاجر ونحوهما واما الأفعال فلا يمكن الغاء اثرها فرتب عليه موجب فعله.