كان من جملة الطلبة النبهاء. ولي القضاء في أيام أمير المؤمنين أبي العلاء بن المنصور، فكان مشكورا موصوفا بالجزالة والتنفيذ. وانتقل من مالقة إلى إشبيلية في عام خمس وعشرين وستمائة.
ومنهم:
يكنى أبا محمد. كان رحمه الله من جلّة المحدثين، مشتغلا بالرواية عارفا بها، ثقة على الرواية متصرفا في العلوم، جليل المقدار مع ما كان عليه من الانقباض والورع والزهد. ولي القضاء ببلش مدة، فسار فيها أحسن سيرة. وكانت له تواليف عجيبة، ككتاب الأوليات في الخفيات والجليات، وكتاب الاختصار والتقريب في ذكر رجال الموطأ. سمعت عليه بعضا من الكتابين وناولنيهما. وكان من شيوخه أبو عبد الله ابن الفخار، وأبو زيد السهيلي، والأستاذ أبو عبد الله ابن العويص، وأبو الحسن ابن قزمان، وأبو القاسم ابن بشكوال، وأبو محمد عبد الحق الإشبيلي، وأبو عبد الله بن حميد، وغيرهم. سمعت عليه رحمه الله كثيرا، وناولني وأجازني إجازة عامة. وكان له رحمه الله في التوثيق باع مديد. كان حسن الوثيقة، بارع الخط، عارفا بالصنعة متقنا لها. حدثني الفقيه أبو محمد المذكور سماعا عليه، قال: حدثني الأستاذ أبو محمد ابن العكّاز، قال: حدثني المقرئ أبو إسحاق الميورقي عام سبعين وخمسمائة، قال: كنت أقرأ على القارئ المقرئ الزاهد / شريح بن محمد بن شريح في أطراف النهار. فلما كان ذات يوم أتيته في القائلة، وكان يسكن في دار بين خرب هناك، فسمعت عنده صوتا حادّا. فدخلت عليه وعاينت نسرا، وهو يقرأ عليه بذلك الصّوت، فيشير له عند الوقف وعند الصّلة برأسه. فلمّا أكمل، رأيته وأنا باهت متعجّب، دعا له الشّيخ والنّسر يؤمّن. ثمّ انتفض انتفاضة من بين يديه ودار شيئا وسوّى بجناحه ونهض في السّماء، فسألت الشّيخ عنه، فقال لي: هو من مؤمني الجنّ، رغب منّي أن يجوّد عليّ، والله يفعل ما يشاء. سمعت هذا الحديث على