والصرفة إعجاز على القولين معا في قول من نفاها وأثبتها فخرقها للعادة فيما دخل في القدرة.
فإن قيل: فإن عجزوا عن معارضته بمثله لم يعجزوا عن معارضته بما تقاربه وإن نقص عن رتبته، والمعجز ما لم يمكن مقاربته كما لا يمكن مماثلته فعنه جوابان:
أحدهما: أن مقاربته تكون بما في مثل أسلوبه إذا قصر عن كماله والأسلوب ممتنع فبطلت المقاربة وثبت الإعجاز.
والثاني: أن المقاربة تمنع من المماثلة والتحدي إنما كان بالمثل دون المقاربة.
فإذا ثبت إعجاز القرآن من هذه الوجوه كلها صح أن يكون كل واحد منها معجزا فإذا جمع القرآن سائرها كان إعجازه أقهر وحجاجه أظهر وصار كفلق البحر وإحياء الموتى لأن مدار الحجة في المعجزة إيجاد ما لا يستطيع الخلق مثله سواء كان جسما مخترعا أو جرما مبتدعا أو عرضا متوهما.
فإن قيل: أفيعتبرون عجز العرب العاربة عنه دون المولدين أو عجز الجميع.
قيل: فيه خلاف بين أهل العلم على وجهين:
أحدهما: أن المعتبر فيه عجز الجميع ليكون أعم.
والوجه الثاني: معتبر فيه عجز العرب العاربة دون المولدين ليكون معتبرا بمن يلجأ إلى طبعه ولا يعول على تكلفه وتعلمه. وهكذا اختلفوا هل يعتبر فيه عجز أهل عصره أو في جميع دهره على هذين الوجهين:
أحدهما: يعتبر فيه عجز أهل العصر لأنهم حجة على أهل كل عصر.
والوجه الثاني: أنه يعتبر فيه عجز أهل كل عصر لعموم التحدي فيه لأهل كل عصر.