لا للعجز عن تساويه.
والثاني: أنه خالف بين معانيه ومختصره وبين أفصحه وأسهله ليكون العجز عن أسهله وأبسطه أبلغ في الإعجاز من العجز عن أفصحه وأخصره ولذلك فاضل بين خلقه ليعرف به فرق ما بين الفاضل والمفضول.
وقد حكى أبو عبيدة أن أعرابيا سمع رجلا يقرأ: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ (?) فسجد وقال: سجدت لفصاحة هذا الكلام.
فأما تكرار قصصه وتكرار وعده ووعيده فلأسباب مستفادة منها أنها في التكرار أوكد وفي المبالغة أزيد، ومنها أنها تتغاير ألفاظها فتكون إلى القبول أسرع وفي الإعجاز أبلغ ومنها أنها إن أخل بالوقوف عليها في موضع أدركها في غيره فلم يخل من رغب ورهب.
والوجه الثالث: من إعجازه أن نظم أسلوبه ووصف اعتداله يخرج عن منظوم الكلام ومنثوره ولا يدخل في شعر ولا رجز ولا سجعة ولا خطبة حتى تجاوز محصور أقسامه وباين سائر أنواعه بأسلوب لا يشاكل (?) ونظم لا يماثل فصار وإن كان من حروف الكلام خارجا عن أقسام الكلام فقد قال أنيس الغفاري وهو أخو أبي ذر الغفاري وكان من الموصوفين بالتقدم في البلاغة والفصاحة عرضت القرآن على السجع والشعر والنظم والنثر فلم يوافق شيئا من طرق كلام العرب.
وحكي عن الوليد بن المغيرة المخزومي وكان سيد عشيرته وأفصح قومه أنه جاء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على كفره فقال: اقرأوا عليّ شيئا من القرآن فقرأوا عليه فقال: ليس هذا من كلام البشر وليس بشعر، فمضى إليه أبو لهب وقال: أفسدت قريشا بهذا القول فارجع عنه فقال: أقول أنه سحر