مروا بقوم يعكفون على أصنام لهم اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فخصوا من الإعجاز بما يصلون إليه ببداية حواسهم والعرب أصح الناس أفهاما وأحدّهم أذهانا قد ابتكروا من الفصاحة أبلغها ومن المعاني أغربها ومن الآداب أحسنها فخضوا من معجزة القرآن بما تجول فيه أفهامهم وتصل إليه أذهانهم، فيدركوه بالفطنة دون البديهة وبالرويّة دون البادرة لتكون كل أمة مخصوصة بما يشاكل طبعها ويوافق فهمها.
والثالث: أن معجز القرآن أبقى على الأعصار (?) وأنشر في الأقطار من معجز يختص بحاضره ويندرس بانقراض عصره وما دام إعجازه فهو أحج وبالاختصاص أحق.
وإعجاز القرآن في خروجه عن كلام البشر وإضافته إلى الله تعالى يكون من عشرين وجها أحدها فصاحته وبيانه وذلك معتبر بثلاثة شروط:
أحدها: بلاغة ألفاظه.
والثاني: استيفاء معانيه.
والثالث: حسن نظمه.
فأما بلاغة ألفاظه فتكون من وجهين:
أحدهما: جزالتها حتى لا تلين.
والثاني: انطباعها حتى لا تخبو. وأما استيفاء معانيه فيكون من وجهين:
أحدهما: أن يكون المعنى لائحا (?) في بادىء ألفاظه غير مفتقر إلى مقاطعه